وكتبت عائشة إلى أهل الكوفة (كذا) : أما بعد ، فإني أذكّركم الله والإسلام! أقيموا كتاب الله بإقامة ما فيه ، واتّقوا الله واعتصموا بحبله! وكونوا مع كتابه ، ثم إنا قدمنا البصرة فدعوناهم إلى إقامة كتاب الله بإقامة حدوده ، فأجابنا الصالحون إلى ذلك ، واستقبلنا من لا خير فيه بالسلاح وقالوا : لنتبعنّكم عثمان! فمكثنا ستا وعشرين ليلة ندعوهم إلى كتاب الله وإقامة حدوده وحقن الدماء أن تهراق دون من قد حلّ دمه! فأبوا واحتجّوا بأشياء ... فكان ذلك الدأب ستّة وعشرين يوما ندعوهم إلى الحق ، وأن لا يحولوا بيننا وبين الحق ، فغدروا وخانوا! وغادروني في الغلس ليقتلوني ، فلم يبرحوا حتى بلغوا سدّة بيتي ومعهم هاد يهديهم إليّ! فدارت عليهم الرحى فأطاف بهم المسلمون فقتلوهم ، وجمع الله كلمة أهل البصرة على ما أجمع عليه الزبير وطلحة! وكانت الوقعة لخمس ليال بقين من ربيع الآخر سنة ست وثلاثين ، وكتب عبيد الله بن كعب (١).
وكتبت إلى أهل المدينة : من أم المؤمنين عائشة زوجة النبي (٢) وابنة الصدّيق (٣) إلى أهل المدينة (كذا) : أما بعد ، فإن الله أظهر الحق ونصر طالبيه ... فاتّقوا الله عباد الله واسمعوا وأطيعوا (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً) وعروة الحق ، ولا تجعلوا على أنفسكم سبيلا ، فإن الله قد جمع كلمة أهل البصرة (!) وأمّروا عليهم الزبير بن العوام فهو أمير الجنود ، والكافّة يجتمعون له على السمع والطاعة! فإذا اجتمعت كلمة المؤمنين على امرائهم عن ملأ منهم وتشاور فإنا ندخل في صالح ما دخلوا فيه ، فإذا جاءكم كتابي هذا فاسمعوا وأطيعوا وأعينوا
__________________
(١) الطبري ٤ : ٤٧٢ ـ ٤٧٤ عن سيف ، وتأمّل التحريف.
(٢) الأفصح : زوج النبيّ ، والتأنيث من المولّدين المتأخّرين.
(٣) الأصح أن إطلاق هذا اللقب إنما كان من إشاعات معاوية. فهو من الوهن في الخبر.