ولعن من جاحده! ثم التفت إلى الناس وقال لهم : أيها الناس ؛ إن أبا موسى أوتي علما ثم انتفض عنه كما ينتفض الديك إذا خرج من الماء.
فبينا هم كذلك إذ دخل المسجد غلمان أبي موسى ينادونه : يا أبا موسى أخرج من المسجد فهذا الأشتر قد جاء! وإذا دخل أصحابه فنادوه : اخرج ويلك أخرج الله نفسك ، فو الله إنك لمن المنافقين (قديما)!
وقام عمار فقال له : أرني يدك يا أبا موسى! فأبرزها إليه فقبض عليها عمار (وأنزله).
فخرج أبو موسى ووجّه إلى الأشتر : أن أجّلني هذه العشية! قال : قد أجّلتك واعتزل عن القصر ناحية ولا تبيتنّ هذه الليلة في القصر!
وبلغه أن الناس دخلوا القصر ينتهبون متاع أبي موسى! فبعث الأشتر عليهم من أخرجهم من القصر ، وقال لهم : إني أجّلته الليلة. فكفّ عنه الناس (١).
__________________
فلم ينكر أبو موسى وإنما قال له : أو ليس قد استغفر لي؟!
فقال له عمار : قد سمعت اللعن ولم أسمع الاستغفار!
واختصر خبره القاضي النعماني المصري في شرح الأخبار ١ : ٨٣ و٢ : ٣٨٤ ، الحديث ٣٢٤.
(١) الجمل للمفيد : ٢٥١ ـ ٢٥٣ وفيه : لما بلغ إلى ذي قار ما كان من تخذيل أبي موسى الناس ، قام الأشتر إلى علي عليهالسلام وقال له : يا أمير المؤمنين ، إنك قد بعثت إلى الكوفة أخلق من بعثت ليستتبّ لك الناس على ما تحبّ (ولكن) لا أدري ما يكون ، فإن رأيت أن تبعثني في أثرهم ، فإن أهل الكوفة أحسن طاعة لي فإن قدمت عليهم رجوت أن لا يخالفني أحد منهم!
فقال أمير المؤمنين : الحق بهم على اسم الله عزوجل!
فأقبل الأشتر حتى دخل الكوفة ـ والناس وأبو موسى في المسجد الأعظم ـ فأخذ لا يمر بقبيلة فيها جماعة في مسجد أو مجلس إلّا قال لهم : اتبعوني إلى القصر ، فتبعه