خلّوا قريشا ـ إذ أبوا إلّا الخروج عن دار الهجرة وراموا فراق أهل العلم ، للإمرة ـ ترتق فتقها وتشعب صدعها ، فإن فعلت فلنفسها فعلت ، وإذا أبت فعليها جنت ، سمنها في أديمها!
استنصحوني ولا تستغشّوني يسلم لكم دينكم ودنياكم ، ويشقى بها من جناها (١)!
ويقول : أيها الناس ؛ هذه فتنة عمياء صمّاء تطأ من خطامها ، النائم فيها خير من القاعد ، والقاعد فيها خير من القائم ، والقائم فيها خير من الماشي ، والماشي خير من الساعي ، والساعي خير من الراكب! إنها فتنة نافذة كداء البطن أتتكم من قبل مأمنكم ، تدع الحليم فيها خيرا من أكابر البشر ، فإذا أدبرت أسفرت!
فناداه الحسن عليهالسلام : اعتزل عملنا وتنحّ عن منبرنا صاغرا لا أمّ لك!
فالتفت أبو موسى إلى عمّار وقال له : هذه يدي بما سمعت من رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : «ستكون فتنة ، القاعد فيها خير من القائم»!
فقال له عمّار : إنما قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «ستكون فتنة أنت (يا أبا موسى) فيها قاعدا خير منك قائما» ولم يقل ذلك لغيرك (٢)! ثم قال : غلب الله من غالبه
__________________
(١) الجمل للمفيد : ٢٤٧ ـ ٢٤٨.
(٢) هنا أسند الطوسي في أماليه : ١٨١ ، ح ٣٠٤ ، م ٧ ، الحديث ٦ ، عن أبي تحيا ـ وهو حكيم بن سعد الحنفي التميمي الكوفي ، كما في ترتيب الأمالي ٢ : ٥٣٣ ـ قال : سمعت عمار بن ياسر يعاتب أبا موسى الأشعري ويوبخه ويقول له : ما الذي أخّرك عن أمير المؤمنين؟! فو الله لئن شككت فيه لتخرجن عن الإسلام!
فقال له أبو موسى : دع عتابك لي! فإنما أنا أخوك!
فقال له عمار : ما أنا لك بأخ ؛ إني سمعت رسول الله يلعنك ليلة العقبة وقد هممت مع القوم بما هممت به!