فقلت : إنما بعثني قومي رائدا ، وسأنهي إليهم ما رأيت فإن بايعوا بايعت! فقال لهم : دعوا الرجل ... وقال لي : أرأيت لو أنّ قومك بعثوك رائدا فرأيت روضة وغديرا! فقلت لهم : يا قومي النجعة النجعة (الروضة والماء) فأبوا ، ما كنت تصنع (١)؟
أو قال لي : أرأيت لو أنّ الذين وراءك بعثوك رائدا تبتغي لهم مساقط الغيث ، فرجعت إليهم وأخبرتهم عن الماء والكلأ ، فخالفوا إلى المجادب والمعاطش ما كنت صانعا؟
قال (قلت) : كنت تاركهم ومخالفهم إلى الماء والكلأ. فقال : فامدد يدك إذن! فو الله ما استطعت أن أمتنع عند قيام الحجة عليّ (٢)! فأخذت بإصبع من أصابعه وقلت له : ابايعك على أن أطيعك ما أطعت الله فإذا عصيته! فلا طاعة لك عليّ! فقال : نعم ، وطوّل صوته بها ، فبايعته.
ولم أبرح من العسكر حتى قدم عليه أهل الكوفة ، فكانوا لما يروننا (أهل البصرة) يقولون : نرى إخواننا من أهل البصرة يقاتلوننا! ويضحكون كأنهم يرون أنهم لا يقاتلون ، ويقولون : والله لو التقينا لتعاطينا الحق!
قال : وخرجت بكتابي علي عليهالسلام فأتيت أحد الرجلين ، فقبل الكتاب وأجابه.
ودللت على الآخر فتوارى عنّي حتى دخلت عليه فأبى أن يقبل الكتاب ولم يجبه إلى ما دعاه (٣).
__________________
(١) الجمل للمفيد : ٢٩٠ عن الواقدي بطريق غير طريق الطبري ٤ : ٤٩٠ ـ ٤٩٢ مزيدا محرّفا فراجع.
(٢) نهج البلاغة ، الخطبة ١٧٠.
(٣) الجمل للمفيد : ٢٩١.