ثم استخلف الناس أبا بكر فلم يأل جهده ، ثم استخلف أبو بكر عمر فلم يأل جهده ، ثم استخلف الناس عثمان فنال منكم ونلتم منه ، حتى إذا كان من أمره ما كان أتيتموني لتبايعوني ... فدخلت منزلي فاستخرجتموني ، فقبضت يدي فبسطتموها ، وتداككتم عليّ حتى ظننت أنكم قاتلي أو أن بعضكم قاتل بعض! فبايعتموني وأنا غير مسرور بذلك ولا جذل. ولقد علم الله أني كنت كارها للحكومة بين امة محمد صلىاللهعليهوآله ؛ فلقد سمعته يقول : «ما من وال يلي شيئا من أمر امتي إلّا اتي به يوم القيامة مغلولة يداه إلى عنقه على رءوس الخلائق ، ثم ينشر كتابه ، فإن كان عادلا نجا ، وإن كان جائرا هوى».
حتى اجتمع عليّ ملؤكم وبايعني طلحة والزبير وأنا أعرف الغدر في أوجههما والنكث في أعينهما! ثم استأذناني في العمرة فأعلمتهما أن ليسا يريدان العمرة ، فسارا إلى مكة ، واستخفّا عائشة وخدعاها وشخص معهما أبناء الطلقاء ، فقدموا البصرة فقتلوا بها المسلمين وفعلوا المنكر!
فيا عجبا لاستقامتهما لأبي بكر وعمر وبغيهما عليّ ، وهما يعلمان أني لست دون أحدهما ، ولو شئت أن أقول لقلت!
ولقد كان معاوية كتب إليهما من الشام كتابا يخدعهما فيه فكتماه عنّي ، وخرجا يوهمان الطغام والأعراب أنهما يطلبان بدم عثمان.
والله ما أنكرا عليّ منكرا ، ولا جعلا بيني وبينهم نصفا ، وإن دم عثمان لمعصوب بهما ومطلوب منهما. يا خيبة الداعي إلى ما دعا وبما ذا اجيب؟!
والله إنهما لعلى ضلالة صمّاء ، وجهالة عمياء ، وإنّ الشيطان قد ذمّر لهما حزبه ، واستجلب لهما خيله ورجله ، ليعيد الجور إلى أوطانه ويردّ الباطل إلى نصابه. ثم رفع يديه فقال :
اللهم إنّ طلحة والزبير قطعاني وظلماني وألّبا عليّ ونكثا بيعتي ، فاحلل ما عقدا وانكث ما أبرما ، ولا تغفر لهما أبدا ، وأرهما المساءة فيما عملا وأمّلا.