وقال المسعودي : لحقه عليّ عليهالسلام فضربه بقائم سيفه وقال له : أدركك عرق من أمّك! وأخذ منه الراية وحمل بها ... وجاء ذو الشهادتين خزيمة بن ثابت الأنصاري إلى عليّ عليهالسلام فقال له : يا أمير المؤمنين! لا تنكّس اليوم رأس محمد واردد إليه الراية! فدعا به وردّ عليه الراية وقال له :
اطعنهم طعن أبيك تحمد |
|
لا خير في الحرب إذا لم توقد (١) |
ثم قال له : خذها وأحسن حملها ، وتوسّط أصحابك ولا تخفض عالي رأسها ، واجعلها مستشرفة يراها أصحابك. قال محمد : ففعلت كما قال ، فقال لي عمار بن ياسر : يا أبا القاسم ؛ ما أحسن ما حملت الراية اليوم! فسمعه أبي فقال له : بعد ما ذا؟! فقال عمّار : ما العلم إلّا بالتعلّم (٢).
وقصد الإمام عليهالسلام قصد الجمل ونادى أصحابه : ويحكم ارشقوا الجمل بالنبل ، واعقروه لعنه الله ، ونادى بشعار رسول الله : يا منصور أمت! وتنادى أصحابه : يا محمد! فاتّخذوها شعارا ، ونادت الأزد وضبّة حول الجمل : يا لثارات عثمان ، واتّخذوها شعارا ، وتنادوا : أيها الناس! أمّكم أمّكم! واختلطوا حتى ضرب بعضهم بعضا!
وكانت الحرب في هذا اليوم الثاني من أيام الجمل من بعد الفجر حتى العصر ، ثم تحاجز الفريقان والقتل فاش فيهما ، وفي أهل البصرة أكثر ، وأمارات النصر لأهل الكوفة (٣).
__________________
(١) مروج الذهب ٢ : ٣٦٧ ـ ٣٦٨.
(٢) الجمل للمفيد : ٣٦١.
(٣) شرح النهج للمعتزلي ١ : ٢٦٢.