فانفضّ أصحابه منهزمين! وجعل عمار بن ياسر وابن أبي بكر يقطعان الحقب والنسوع ، واحتملا الهودج فوضعاه على الأرض (١).
وفي خبر ابن الحنفية قال : اطّلع ابن أبي بكر في الهودج فصاحت عائشة : من أنت؟ قال : أبغض أهلك إليك! قالت : ابن الخثعمية (أسماء بنت عميس)؟ قال : نعم ولم تكن دون أمهاتك! قالت : بل هي شريفة! الحمد لله الذي سلّمك! قال : وقد كان ذلك ما تكرهين! قالت : لو كرهته ما قلت ما قلت! قال : كنت تحبّين الظفر وأني قتلت!
قالت : قد كنت احبّ ذلك لكن لما صرنا إلى ما صرنا إليه أحببت سلامتك ، لقرابتي منك ، فاكفف ولا تعقّب الأمور ، ولا تكن لومة ولا عذلة ، فإن أباك لم يكن لومة ولا عذلة (يلوم ويعذل).
قال : وجاء علي عليهالسلام فقرع الهودج برمحه وقال لها : يا شقيراء! أبهذا أوصاك رسول الله صلىاللهعليهوآله؟!
فقالت له : يا ابن أبي طالب (كذا) قد ملكت فاسجح (واصفح).
وجاءها عمار بن ياسر فقال لها : يا أمّاه! كيف رأيت ضرب بنيك اليوم دون دينهم بالسيف؟! فلم تجبه!
وجاءها مالك الأشتر وقال لها : (جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً)(٢).
الحمد لله الذي نصر وليّه وكبت عدوّه ... فكيف رأيت صنع الله بك يا عائشة؟!
فقالت : ثكلتك أمّك من أنت؟ قال : أنا ابنك الأشتر. قالت : كذبت لست بأمّك! قال : بلى وإن كرهت.
__________________
(١) الجمل للمفيد : ٣٨٢.
(٢) الإسراء : ٨١.