بلغت بها الآخرة : تقري فيها الضيف ، وتصل فيها الرحم ، وتطلع منها الحقوق مطالعها ، فإذا بلغت بها الآخرة (١).
فلما ذكر الإمام صلة الأرحام ، تذكّر الربيع أخاه عاصما حيث تخلّى من الدنيا وترك الملاءة اللينة واكتفى بالعباء الخشن من الصوف (متصوّفا) وهي أول بادرة لها يومئذ ، فشكاه الربيع إلى الإمام عليهالسلام ليرى هل يرضى به أم لا؟ فقال عليهالسلام : ادع إلى عاصما ، فلما أتاه عبّس في وجهه (٢).
وقال له : يا عديّ نفسه! لقد استهام بك الخبيث! أما رحمت أهلك وولدك! أترى الله أحلّ لك الطيبات وهو يكره أن تأخذها! أنت أهون على الله من ذلك!
فقال له : يا أمير المؤمنين ؛ هذا أنت في خشونة ملبسك وجشوبة مأكلك!
فقال : ويحك! إني لست كأنت ، إن الله تعالى فرض على أئمة الحق أن يقدّروا أنفسهم بضعفة الناس كي لا يتبيّغ (يتهيّج) بالفقير فقره (٣) فألقى عاصم العباء ولبس الملاء (٤).
__________________
(١) نهج البلاغة خ ٢٠٩ ومصادرها في المعجم المفهرس : ١٤٩٣ وأقدمها أصول الكافي ١ : ٤١٠ برواية أخرى.
(٢) أصول الكافي ١ : ٤١٠ وقال : بأسانيد مختلفة.
(٣) نهج البلاغة خ ٢٠٩ واخترناه لاختصاره.
(٤) أصول الكافي ١ : ٤١١ وهو أوفى من خبر النهج ، والملاء : جمع الملاءة : الثوب اللّين الرقيق ـ مجمع البحرين ١ : ٣٩٨. ويبقى القول : أن الثقفي الكوفي في الغارات ٢ : ٥٥٨ ذكر العلاء بن زياد في نواصب البصرة ، ولكنه العدوي المتوفى في ٩٤ ه. كما عن تقريب التهذيب في حاشية الغارات ، فلا علاقة له بهذا الخبر.