بعد النبيّ وكما قال داود بن علي العبّاسي يوم بيعتهم بالكوفة : لم يقم فيكم إمام بعد رسول الله إلّا علي بن أبي طالب (١) فلعلّ هؤلاء حملوا الجاحظ أن يكفّر عما كتب قبل ذلك بما يصنّفه لهم فيما يدّعون.
فصنّف لهم الكتاب المترجم كما يقول المسعودي أيضا بكتاب «إمامة ولد العباس» يحتج فيه لهذا المذهب (الراوندي) ويذكر فيه فعل أبي بكر في فدك وغيرها ، وقصته مع فاطمة «رضي الله عنها» ومطالبتها بإرثها من أبيها واستشهادها ببعلها وابنيها وأم أيمن ، وما جرى بينها وبين أبي بكر من المخاطبة وما كثر بينهم من المنازعة وما قالت وما قيل لها عن أبيها أنه قال : «نحن معاشر الأنبياء نرث ولا نورث» وما احتجت به من قوله عزوجل : (وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ)(٢) على أن النبوة لا تورث فلم يبق إلّا التوارث (المالي) وغير ذلك من الخطاب. ثم قال : والجاحظ لم يكن هذا مذهبه ولا كان يعتقده ولكن فعل ذلك تماجنا وتطرّبا (٣) بل لعلّه تهرّبا عمّا تجناه سابقا. ولكن هل كان ذلك نقلا عن أبي العيناء!
ولئن كان المعتزلي (م ٦٥٦ ه) والإربلي (م ٦٩٣ ه) نقلا عن طرق الجوهري في كتابه فالطبري الإمامي (م ق ٤ ه) نقل طريقه عن زينب عليهاالسلام بثلاث وسائط عن أحمد بن أبي الثلج البغدادي عن الصفواني عن الجوهري ، ثم نقل طريقيه عن الحسن المثنى وعن الباقر عليهالسلام بواسطة الصفواني ، عن من روى عنهم الجوهري رأسا وبلا واسطة. وعن الصفواني أيضا عن ابن عائشة الذي روى عنه المرتضى. وعن الصفواني أيضا عن هشام الكلبي عن أبيه ، وعن عوانة بن الحكم. وزاد
__________________
(١) مروج الذهب ٣ : ٢٣٦ ـ ٢٣٧.
(٢) النمل : ١٦.
(٣) مروج الذهب ٣ : ٢٣٧.