خيرة الله لمصيبته ، وأكدت الآمال ، وخشعت الجبال ، واضيع الحريم ، وازيلت الحرمة بموت (محمد صلىاللهعليهوآله) فتلك نازلة أعلن بها كتاب الله هتافا هتافا ولقبل ما خلت به أنبياء الله ورسله (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ)(١).
أبني قيلة أأهضم تراث أبي وأنتم بمرأى ومسمع ، تلبسكم الدعوة ، ويشملكم الجبن ، وفيكم العدة والعدد ، ولكم الدار والخيرة ، وأنتم أنجبته التي امتحن ، ونحلته التي انتحل ، وخيرته التي انتخبت لنا أهل البيت ، فنابذتم فينا العرب ، وناهضتم الأمم ، وكافحتم البهم ، لا نبرح ولا تبرحون ، ونأمركم فتأتمرون ، حتى دارت بنا وبكم رحى الإسلام ودرّ حلب البلاد ، وخضعت بغوة الشرك ، وهدأت روعة الهرج وبلغت نار الحرب ، واستوسق نظام الدين ، فأنّى حرتم بعد البيان ونكصتم بعد الإقدام عن قوم (نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْراجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَؤُكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)(٢).
ألا لا أرى والله إلّا أن أخلدتم إلى الخفض وكنتم إلى الدعة فمججتم الذي استرعيتم (ولفظتم الذي سوغتم) ف (إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ* أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَؤُا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللهُ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ وَقالُوا إِنَّا كَفَرْنا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنا إِلَيْهِ مُرِيبٍ)(٣).
__________________
(١) آل عمران : ١٤٤.
(٢) التوبة : ١٣.
(٣) إبراهيم : ٨ ـ ٩.