وأنا ابنة نذير لكم بين يدي عذاب شديد ... أما كان رسول الله أمر بحفظ المرء في ولده؟! فسرعان ما أحدثتم ...
فدونكم فاحتقبوها دبرة الظهر ناقبة الخف باقية العار ، موسومة بشنار الأبد موصولة بنار الله المؤصدة ، فبعين الله ما تفعلون (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ)(١) ، (فَاعْمَلْ إِنَّنا عامِلُونَ)(٢) ، (وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ)(٣).
ولم يسجّل التاريخ أي ردّ فعل للأنصار لهذا الخطاب والعتاب سوى ما مرّ أيضا : أن واحدا منهم يدعى رافع بن رفاعة الزرقي الخزرجي رفع عقيرته إليها يقول لها : يا سيدة النساء ، لو كان أبو الحسن تكلم وذكر للناس هذا الأمر قبل أن يجري هذا العقد ما عدلنا به أحدا. ثم لم يسجل التاريخ أي صريخ جماعي عنهم لها ولزوجها وابن عمّها علي عليهالسلام.
لكن من الممكن أن يحسب منه ما رواه المعتزلي عن الزبير بن بكار في كتابه «الأخبار الموفقيات» بسنده عن عبد الرحمن بن عوف الزهري قال : لما بويع أبو بكر واستقرّ أمره ندم قوم كثير من الأنصار على بيعتهم إياه ولام بعضهم بعضا ، وذكروا علي بن أبي طالب وهتفوا باسمه وهو في داره (٤).
وقد مرّ أيضا أن رجلين من البدريّين من الأنصار هما عويم بن ساعدة ومعن بن عدي عاديا زعيم الخزرج سعد بن عبادة وعبّدا الجادّة للمهاجرين أبي بكر وعمر وعمّرا أمرهما. قال ابن بكّار : فاجتمع الأنصار في مجلس ودعوهما إليهم ، فلما حضرا عيّروهما وأكبروا فعلهما للمهاجرين. فتكلم معن فقال :
__________________
(١) الشعراء : ٢٢٧.
(٢) فصلت : ٥.
(٣) هود : ١٢٢.
(٤) شرح النهج للمعتزلي ٦ : ٢٣ ، وظاهر هتافهم باسمه أن يكون ذلك قبل أن يبايع.