هو على مذمة الشخص من حيث ان هذا الفعل يكشف عن وجود صفة الشقاوة فيه لا على نفس فعله كمن انكشف لهم من حاله انه بحيث لو قدر على قتل سيده لقتله فان المذمة على المنكشف لا الكاشف ومن هنا يظهر الجواب عن قبح التجرى فانه لكشف ما تجرى به عن خبث الفاعل لا عن كون الفعل مبغوضا للمولى.
والحاصل ان الكلام فى كون هذا الفعل الغير المنهى عنه واقعا مبغوضا للمولى من حيث تعلق اعتقاد المكلف بكونه مبغوضا لا فى ان هذا الفعل المنهى عنه باعتقاده ظاهرا ينبئ عن سوء سريرة العبد مع سيده وكونه فى مقام الطغيان والمعصية ، فان هذا غير منكر فى المقام كما سيجىء ، لكن لا يجدى فى كون الفعل محرما شرعيا لان استحقاق المذمة على ما كشف عنه الفعل لا يوجب استحقاقه على نفس الفعل ومن المعلوم ان الحكم العقلى باستحقاق الذم انما يلازم استحقاق العقاب شرعا اذا تعلق بالفعل لا بالفاعل.
واما ما ذكر من الدليل العقلى فنلتزم باستحقاق من صادف قطعه الواقع لانه عصى اختيارا (١) دون من لم يصادف ، قولك ان التفاوت بالاستحقاق والعدم لا يحسن ان يناط بما هو خارج عن الاختيار ممنوع ، فان العقاب بما لا يرجع بالاخرة الى الاختيار قبيح إلّا ان عدم العقاب لامر لا يرجع الى الاختيار غير قبيح كما يشهد (٢) به الاخبار الواردة فى ان من سن سنة حسنة كان له مثل اجر من عمل بها ومن سن سنة سيئة كان له مثل وزر
__________________
١ ـ يعنى ان سبب المعصية وهو المخالفة عن عمد قد تحق من المصادف باختياره ولم يتحقق من غيره ولو بلا اختيار ، وقوله ممنوع : اى عدم حسن ذلك التفاوت ممنوع بل لا قبح فيه فان التفاوت نشأ من عدم عقاب غير المصادف المسبب عن عدم تحقق سببه وقد عرفت عدم القبح فيه (ش)
٢ ـ اذ المستفاد من تلك الاخبار ان كثرة العامل بسنة احد الشخصين وقلة العامل بسنة الآخر مؤثرتان فى كون ثواب الاول او عقابه اعظم مع وضوح خروج كثرة العامل بما سناه وقلته من حيز اختيارهما (ثق)