لان موضوع الاصول يرتفع بوجود الدليل فلا معارضة بينهما لا لعدم اتحاد الموضوع بل لارتفاع موضوع الاصل وهو الشك بوجود الدليل ألا ترى انه لا معارضة ولا تنافى بين كون حكم شرب التتن المشكوك حكمه هى الاباحة وبين كون حكم شرب التتن فى نفسه مع قطع النظر عن الشك فيه هى الحرمة فاذا علمنا بالثانى لكونه علميا ولفرض سلامته عن معارضة الاول خرج شرب التتن عن موضوع دليل الاول وهو كونه مشكوك الحكم لا عن حكمه حتى يلزم فيه تخصيص وطرح لظاهره
ومن هنا كان اطلاق التقديم والترجيح تسامحا لان الترجيح فرع المعارضة وكذلك اطلاق الخاص على الدليل والعام على الاصل فيقال يخصص الاصل بالدليل فان دليل الامارة وان لم يكن كالدليل العلمى رافعا لموضوع الاصل إلّا انه نزل شرعا منزلة الرافع فهو حاكم على الاصل لا مخصص له كما سيتضح إن شاء الله على ان ذلك انما يتم بالنسبة الى الادلة الشرعية واما الادلة العقلية القائمة على البراءة والاشتغال فارتفاع موضوعها بعد ورود الادلة الظنية واضح لجواز الاقتناع بها فى مقام البيان وانتهاضها رافعا لاحتمال العقاب كما هو ظاهر واما التخيير فهو اصل عقلى لا غير كما سيتضح إن شاء الله ، واعلم ان المقصود (١) بالكلام فى هذا المقصد الاصول المتضمنة لحكم الشبهة فى الحكم الفرعى الكلى وان تضمنت حكم الشبهة فى الموضوع ايضا وهى منحصرة فى اربعة ، اصل البراءة واصل الاحتياط والتخيير والاستصحاب بناء على كونه حكما ظاهريا ثبت التعبد به من الاخبار اذ بناء على كونه مفيدا للظن يدخل فى الامارات الكاشفة عن الحكم الواقعى واما الاصول المشخصة لحكم الشبهة فى الموضوع كاصالة الصحة واصالة الوقوع فيما شك فيه بعد تجاوز المحل فلا يقع الكلام فيها الا لمناسبة يقتضيها المقام
__________________
١ ـ لان الكتاب فى الاصول فلا يتكفل الا لبيان ما يجدى المجتهد فى مقام الاستنباط مما يستعمله من الدليل فى طريق استنباط الحكم الشرعى الكلى او ما يستريح اليه من الاصول بعد الفحص واليأس عن الدليل على ذلك الحكم وليس مفاد الاصول فى الشبهات الموضوعية مما يعمل فى طريق استنباط الحكم الكلى ولا مما ينتهى اليه بعد اليأس عن الدليل فيها بل هو بنفسه الحكم المستنبط المعمول به ظاهر (الطوسى)