فان قلت اذن الشارع فى فعل المحرم مع علم المكلف بتحريمه انما ينافى حكم العقل من حيث انه اذن فى المعصية والمخالفة وهو انما يقبح مع علم المكلف بتحقق المعصية حين ارتكابها والاذن فى ارتكاب المشتبهين ليس كذلك اذا كان على التدريج بل هو اذن فى المخالفة مع عدم علم المكلف بها الا بعدها وليس فى العقل ما يقبح ذلك والّا لقبح الاذن فى ارتكاب جميع المشتبهات بالشبهة الغير المحصورة او فى ارتكاب مقدار يعلم عادة بكون الحرام فيها وفى ارتكاب الشبهة المجردة التى يعلم المولى اطلاع العبد بعد الفعل على كونه حراما وفى الحكم بالتخيير الاستمرارى بين الخبرين او فتوى المجتهدين
قلت اذن الشارع فى احد المشتبهين ينافى ايضا حكم العقل بوجوب امتثال التكليف المعلوم المتعلق بالمصداق المشتبه لايجاب العقل حينئذ الاجتناب عن كلا المشبهين نعم لو اذن الشارع (١) فى ارتكاب احدهما مع جعل الآخر بدلا عن الواقع فى الاجتزاء بالاجتناب عنه جاز فاذن الشارع فى احدهما لا يحسن إلّا بعد الامر بالاجتناب عن الآخر بدلا ظاهريا عن الحرام الواقعى فيكون المحرم الظاهرى هو احدهما على التخيير وكذا المحلل الظاهرى ويثبت المطلوب وهو حرمة المخالفة القطعية بفعل كلا المشتبهين ، وحاصل معنى تلك الصحيحة ان كل شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف ان فى ارتكابه فقط او فى ارتكابه المقرون مع ارتكاب غيره ارتكابا للحرام ؛ والاول فى العلم التفصيلى والثانى فى العلم الاجمالى.
__________________
١ ـ هذا اشارة بعد دعوى كون العلم الاجمالى كالتفصيلى فى وجوب الموافقة ؛ الى الفرق بينها من جهة اخرى وهى قابلية المعلوم بالاجمال بجعل الشارع احد المشتبهين بدلا ظاهريا عنه بان يقنع عن الواقع باجتناب احدهما لوقوع نظيره فى الشرع ، وقوله وحاصل تلك الصحيحة : يعنى بناء على ما قلنا بكون العلم الاجمالى كالتفصيلى فى وجوب الموافقة كما سبق الكلام فيه (م ق)