فان قلت اذا فرضنا المشتبهين (١) مما لا يمكن ارتكابهما الا تدريجا ففى زمان ارتكاب احدهما يتحقق الاجتناب عن الآخر قهرا فالمقصود من التخيير وهو ترك احدهما حاصل مع الاذن فى ارتكاب كليهما اذ لا يعتبر فى ترك الحرام القصد فضلا عن قصد الامتثال
قلت الاذن فى فعلهما فى هذه الصورة ايضا ينافى الامر بالاجتناب عن العنوان الواقعى المحرم لما تقدم من انه مع وجود دليل حرمة ذلك العنوان المعلوم وجوده فى المشتبهين لا يصح الاذن فى احدهما الا بعد المنع عن الآخر بدلا عن المحرم الواقعى ومعناه المنع (٢) عن فعله بعده لان هذا هو الذى يمكن ان يجعله الشارع بدلا عن الحرام الواقعى حتى لا ينافى امره بالاجتناب عنه اذ تركه فى زمان فعل الآخر لا يصلح ان يكون بدلا عن حرمته وحينئذ فان منع فى هذه الصورة عن واحد من الامرين المتدرجين فى الوجود لم يجز ارتكاب الثانى بعد ارتكاب الاول وإلّا لغى المنع المذكور
فان قلت الاذن فى احدهما يتوقف على المنع عن الآخر فى نفس تلك الواقعة
__________________
١ ـ حاصله انه لا يتأتى ما ذكره بقوله فاذن الشارع فى احدهما لا يحسن : فى صورة عدم امكان الجمع بينهما فى آن واحد وان تأتى فى صورة امكان الجمع لانه فى الاولى اذا ارتكب احدهما لا يمكن للشارع حين ارتكابه الامر بالاجتناب عن الآخر لكون تركه (ح) قهريا وحاصلا بنفسه ، وحيث ان المقصود من التخيير فى صورة امكان الجمع هو حصول ترك الآخر حين ارتكاب احدهما فهو حاصل مع الاذن فى كليهما فى صورة عدم الامكان (م ق)
٢ ـ اى معنى المنع من الآخر مع فرض الاذن فى فعل احدهما فى صورة عدم ارتكابهما دفعة هو المنع من الآخر بعد فعل احدهما وقوله اذا تركه : لانه (ح) يكون خارجا عن تحت القدرة والاختيار فلا يصلح ان يتعلق به الخطاب (شرح)