__________________
وجود الضد الآخر ـ استناد عدم الشيء إلى وجود مانعه ـ ، وبرهن عليه بما يتألف من أمرين : أحدهما ما تقدم بيانه من أنّ عدم الشيء يمتنع أن يستند إلى وجود مانعه إلاّ بعد وجود مقتضيه وتمامية اقتضائه بوجود شرطه ، وإلاّ لاستند العدم إلى عدم المقتضي أو الشرط ، والثاني أنه يستحيل اجتماع المقتضي للضدين حذو استحالة اجتماع الضدين أنفسهما ، واستنتج من ذلك أنه لا يمكن وجود الضد المانع ومانعيّته عن تأثير مقتضي الضد الممنوع ليستند عدم الممنوع إلى وجوده ، لأنّ وجوده متوقف على وجود مقتضيه ، ومانعيته متأخرة عن وجود مقتضي الممنوع وشرطه ، فلزم اجتماع مقتضي الضدين ـ المحال ـ ، هذا.
وقد استجود المحقّق الجدّ قدسسره استدلاله هذا ، ووافقه في دعواه امتناع اجتماع مقتضي الضدين ، وعلّله في الأصول ـ على ما في تقريرات بحثه ـ بأنّ اقتضاء المحال كنفسه محال ، وأنّه لا فرق في ذلك بين المقتضيات التكوينيّة وبين الإرادة المقتضية للأفعال الاختيارية ، وأنّ من الواضح استحالة تعلق إرادتين من شخص واحد بفعلين متضادّين ، أمّا بالنسبة إلى شخصين فتكون الإرادة الغالبة القاهرة منهما هي المقتضية دون الأخرى ، ثم أفاد قدسسره أنه إن أبيت إلاّ عن أنّ عدم تأثير الأضعف أو المساوي إنما يستند إلى وجود مزاحمة ، إذ لولاه لأثّر أثره ، فلا قصور في اقتضاء أيّ منهما ، إلاّ أنّه لا مناص من القول بأنّ عدم أحد الضدين إنما يستند إلى وجود مقتضي الضد الآخر الأقوى منه أو المساوي ، لا إلى وجود الضد الآخر نفسه ـ كما يدعيه الخصم ـ ، ويشهد له أنّه لا وجود للضد الآخر نفسه في صورة التساوي ـ كما لا يخفى ـ ، راجع أجود التقريرات ( ١ :