الكاشفين عن ذلك فيما إذا كان التلازم دائميّا ، وتزاحم الحكمين في الاتّفاقي ـ كما حرّر في محلّه ـ ، فكذا لا يصلحان لتعلّق الحكمين المتوافقين أيضا بهما ، لمكان اللغويّة (١) ، فإذا قيّد الواجب بوجود أحد الضدّين كان تقيّده بعدم الآخر حاصلا بالتبع قهرا ، ويكون تقييده به بتشريع مستقلّ آخر من اللغو المنزّه عنه مقام الشارعيّة ، ولو كان ذلك مؤدّى الدليلين كان سبيلهما سبيل المتعارضين ـ كما عرفت (٢).
نعم لو كان متعلّق التكليف ـ كالصلاة مثلا ـ مشتملا على
__________________
بوجود أحدهما وعدم الآخر ، لأن مقتضى التلازم بينهما هو وقوع التنافي بين الحكمين المتنافيين المتعلّقين بهما ، والتنافي بين الحكمين ـ كما تنبئ عنه العبارة ـ يدرج المورد في باب التعارض تارة ، والتزاحم اخرى ، ويختص التعارض بكون التنافي في مقام جعل الحكم وتشريعه ـ على نحو القضية الحقيقيّة ـ ، وطرفا التعارض هما الدليلان الكاشفان عن جعل الحكمين ، كما يختص التزاحم بكون التنافي في مقام فعليّة الحكم دون جعله ، وطرفاه هما الحكمان أنفسهما ، والتلازم المفروض في المقام إن كان دائميا ـ كما في المثالين المتقدمين ـ اندرج في باب التعارض لمكان تنافي الجعلين ، وإن كان اتفاقيا كاستقبال القبلة واستدبار الجديّ اندرج في باب التزاحم لعدم التنافي بين الجعلين ، بل بين الحكمين المجعولين.
(١) لا يخفى اختصاص اللغوية بموارد التلازم الدائمي ـ كما في محل الكلام ـ دون الاتفاقي ، لعدم لزوم اللغوية فيه.
(٢) إذ قد عرفت أن المتعارضين هما الدليلان الكاشفان عن حكمين لا يمكن اجتماعهما في مرحلة الجعل ، والمقام كذلك ، إذ المفروض أن جعل أحد الحكمين لغو ممتنع صدوره من الشارع المقدّس.