نطقت الأدلّة بمانعيّته وتقيّدها بعدمه ، وكونه (١) من العناوين الوجوديّة ـ الصالحة للمانعيّة ملاكا وخطابا ـ بمكان من البداهة ـ ولو فرض أنّ عنوان ( ما لا يؤكل ) (٢) بنفسه وبمنشإ انتزاعه من العناوين العدميّة المحضة.
وأمّا ما قرع سمعك (٣) من أنّ سلب عدم الشيء عبارة أخرى عن إثبات وجوده ، فإنّما هو مع ورود السلب على نفس عدم ذلك الشيء ـ كما في المعدولة السالبة مثل ( زيد ليس بلا قائم ) ونحو ذلك ـ ، إذ هو حينئذ نقيض نقيضه (٤) ، ونقيض نقيض الشيء هو عينه ، وأين هذا عن وروده على عنوان آخر وجوديّ له تعلّق بعدم
__________________
(١) أي كون وقوعها فيما لا يؤكل.
(٢) المقصود أنّا ذكرنا أولا أنّ عنوان ما لا يؤكل وإن كان بنفسه عدميا ، إلاّ أنه بمنشإ انتزاعه وجوديّ ، ونقول هنا إنه لو لم سلّم كونه عدميّا حتى بمنشإ انتزاعه ، إلاّ أنّه ليس هو الذي قيّدت الصلاة بعدمه ليقال إنّ العنوان العدمي غير صالح للمانعيّة ، وإنما الذي قيّدت الصلاة بعدمه هو الوقوع فيه ، وهو أمر وجوديّ بالبداهة.
(٣) ردّ على ما ذكره القائل المتقدم من أنّ مرجع التقييد بعدم عدم المأكولية إلى التقييد بالمأكولية لأنّ سلب العدم يساوق الإيجاب ، وحاصل الردّ أنه إنّما يتمّ فيما إذا ورد السلب على نفس العدم ، وليس كذلك المقام ، فإنّ السلب فيه وارد على عنوان وجوديّ متعلق بذلك العدم ، وهو الوقوع في غير المأكول ـ كما عرفته آنفا.
(٤) الضمير البارز راجع إلى السلب ، يعني أن السلب الوارد على عدم الشيء هو نقيض نقيضه.