الورود على المورد وغيره بجامع واحد وعدم تخصّص شيء منهما به يستكشف عدم دخله لا في علّية العلّة ولا في معلولها ، وتخرج هي عن باب الواسطة في الثبوت بذلك. ولكون الجملة المعلّلة (*) بمنزلة النتيجة وما علّلت به بمنزلة الصغرى (١) فلو لا كلّية الكبرى لم يصحّ التعليل (٢) ،
__________________
الخمر ، إذن فيستفاد من الإطلاقين أنّ الإسكار علّة للحرمة لا أنّ إسكار الخمر علّة لحرمتها خاصّة ليكون من الواسطة في الثبوت ، هذا. وبهذا البيان يثبت الركن الأوّل أعني الصلاحيّة المتقدّم ذكرها ، وحيث إنّه بمجرده لا يثبت به سوى عدم دخالة المورد وعدم اختصاص شيء من العلّة والمعلّل به ولا يكاد يثبت به عموم الحرمة لكلّ مسكر وكون الإسكار تمام العلة لها ـ وهو المطلوب إثباته ـ إذ لعلّ هناك أمرا آخر سوى الإسكار له دخل في الحرمة كدخل الميعان في نجاسة المسكر ، فلذا أضاف قدسسره إليها البيان الآتي فقال ( ولكون الجملة.
إلخ ) وبه يثبت الركن الثاني أعني التوقّف السابق الذكر ونصل إلى المطلوب.
(١) الاولى هي ( الخمر حرام ) والثانية هي ( لأنه مسكر ) ، وقد مرّ منه قدسسره أنّ ما كان من التعليل من هذا القبيل فهو منحلّ إلى قياس بصورة الشكل الأول والاحتجاج بالأوسط في ثبوت الأكبر للأصغر.
(٢) فإنّه يشترط في إنتاج الشكل الأوّل كلّية الكبرى ، فلو كانت جزئية كقولنا ( الخمر مسكر وبعض المسكر حرام ) لم ينتج أنّ الخمر حرام ، إذ لعلّه من البعض الآخر غير الحرام ، وحينئذ لم يصحّ التعليل بأنه مسكر بل لا بدّ من ذكر عنوان ذلك البعض الحرام في التعليل ، مثلا إذا كان موضوع النجاسة هو المسكر المائع وقيل ( الخمر نجس ) فالصحيح تعليله بأنّه مسكر مائع ليدلّ على أنّ كلّ مسكر مائع نجس ، لا بأنه مسكر وإلاّ لدلّ على أنّ كلّ مسكر نجس وإن كان جامدا ، وهو خلاف المقصود.
__________________
(*) الموجود في الطبعة الاولى ( المعلّلة لها ) والصحيح ما أثبتناه.