محرز وجدانا بالتعبّد ، وهو ـ كما ترى ـ ممّا لا يرجع إلى معنى محصّل معقول. وحيث إنّ بناء العمل على عدم المشروعيّة النفس الأمريّة ليس إلاّ عبارة عن عدم التعبّد الحاصل بنفس الشكّ وجدانا فعدم معقوليّة جعله التعبّديّ ـ حينئذ ـ أوضح من أن يخفى.
نعم لو قيل بأنّ المحرّم الواقعيّ في باب التشريع هو التعبّد بما لم يتعبّد به الشارع في نفس الأمر (١) ، وأنّ استقلال العقل بقبح التعبّد بالمشكوك لكونه إقداما على ما لا يؤمن من الوقوع فيه ، لا لأنّه القبيح الواقعيّ ـ كما هو أحد الاحتمالين (٢) في ارتكاب محتمل الضرر ونحوه ممّا يستقلّ العقل بقبح الإقدام عند الشكّ ـ ، فتدور الحرمة الواقعيّة ـ حينئذ ـ مدار المصادفة ، وإلاّ فيجري مجرى التجرّي (٣) اتّجه جريان الاستصحاب حينئذ وحكومته على هذا
__________________
(١) فيكون حرمته الواقعيّة وقبحه الذاتيّ دائرا مدار عدم المشروعيّة في الواقع ، وحرمته حال الشك وعدم قيام الحجّة على المشروعيّة طريقيّة بمناط إدراك الواقع والتحرّز عن الوقوع في التشريع المحرّم ، لا واقعيّة متّحدة المناط مع حرمته حال العلم ـ كما كان على القول الأوّل المختار.
(٢) والاحتمال الآخر هو كون الإقدام على ما لا يؤمن من الضرر قبيحا ذاتا ، وحراما واقعا ـ كان الضرر معلوما أو محتملا.
(٣) أي : وإن لم يصادف الواقع فتعبّد بالمشكوك وكان في الواقع مشروعا ، أو أقدم على محتمل الضرر ولم يكن فيه ضرر كان من قبيل التجرّي ، حيث ارتكب ما هو محرم ظاهرا لا واقعا.