أو أنّه وإن كانت المندوحة موجبة لعدم التزاحم بين الخطابين لكنّه بعد أن كانت حقيقة الإرادة التشريعيّة ـ كالتكوينيّة ـ عبارة عن اختيار أحد طرفي ما فرض مقدورا (١) بالبعث عليه أو الزجر عنه ، فكما لا يصلح أن تتعلّق بغير المقدور ـ ولو مع الغضّ عن استقلال العقل بقبح مطالبة العاجز بما لا يقدر عليه ـ فكذا لا يصلح أن تتعلّق * بالقدر المشترك بينهما بما أنّه كذلك (٢) ، فتكون المقدوريّة حينئذ من القيود اللاحقة من ناحية الوقوع في حيّز الخطاب لكونها من لوازم حقيقة البعث والزجر. كما أسلفناه (٣).
ولازم ذلك هو تبعيّة إطلاق المطلوب لمقدار مقدوريّته وخروج ما لا يقدر عليه ـ لمكان المزاحم ـ عن الانطباق عليه بما هو يطالب به وإن كان مشتملا على جهة الحكم وملاكه ، وكان قصدها (٤) كافيا عندنا في المقرّبيّة المعتبرة في العباديّة في غير أمثال المقام ممّا (٥) يوجب المزاحم ـ مضافا إلى سلب القدرة عمّا
__________________
(١) لا مطلقا ، إذن فمتعلق الإرادة هو خصوص الحصّة المقدورة.
(٢) أي : بما أنّه قدر مشترك شامل لغير المقدور.
(٣) وذلك أثناء البحث حول شرط القدرة في المقدّمة الثانية للمقام الأوّل.
(٤) أي : قصد الجهة والملاك.
(٥) بيان لأمثال المقام ، والمقصود الإشارة إلى ما حقّقه قدسسره في الأصول من
__________________
(*) الموجود في الطبعة الأولى ( يتعلق ) والصحيح ما أثبتناه.