كافر » [ قلت ] : ومن شكّ في كفر الشاكّ ، فهو كافر؟ فأمسك عنّي ، فرددت عليه ثلاث مرّات ، فاستبان (١) في وجهه الغضب (٢) إلى غير ذلك من الأخبار (٣) الدالّة على كفر الشاكّ.
ولا ينافي الاستدلال بالأخبار مع كونها ظنّية في المقام ؛ إذ المقصود إثبات جهة الفرعية بها من ترتّب آثار الكفر كما لا يخفى.
لا يقال : لا دليل على نفي الواسطة بين الكافر والمؤمن.
لأنّا نقول : يدلّ عليه قوله تعالى : ( خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ )(٤) كما استدلّ المشهور في نفي الواسطة بين الصنفين بقوله تعالى : ( يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ )(٥) فإنّ وجه الدلالة فيما نحن فيه أظهر.
فإن قلت : فعلى تقدير كفره لا مناص من كونه معذّبا في الآخرة ، فإنّه أعدّ للكافرين عذابا أليما ، والآيات في ذلك ممّا لا يستقصى ، وذلك ينعكس بعكس النقيض إلى « كلّ من ليس بمعذّب ليس بكافر ، وقد كان كلّ كافر معذّب » هذا خلف.
قلت : إنّ مفاد الآيات كلّها أنّ جميع الكفّار مصيرهم إلى النار ، وذلك لا ينافي فرض وجود (٦) كافر قاصر لا يكون معذّبا.
نعم (٧) ، كان موجودا ، فيستكشف عن العموم المذكور تقصيره ، ويحكم بدخوله وخلوده في النار ، أمّا الأفراد الفرضية التي لا وجود لها لا يضرّ بالعموم ، ولا يوجب تخصيصا فيه ، وذلك مثل قول المولى لعبده : « أضف جيراني ، وعلّم العبد بأنّ الحكم مخصّص بأصدقاء المولى » فلو شكّ في فرد منهم أنّه من الأصدقاء أو لا ، فبناء العموم
__________________
(١) المصدر : فاستبنت.
(٢) الكافى ٢ : ٣٨٧ ، باب الكفر ، ح ١١ ، وعنه في الوسائل ٢٨ : ٣٥٥ ، باب ١٠ من أبواب حدّ المرتد ، ح ٥٣.
(٣) انظر الوسائل ٢٨ : ٣٤٦ ، باب ١٠ من أبواب حدّ المرتدّ ، ح ٢٢.
(٤) التغابن : ٢.
(٥) الشورى : ٤٩.
(٦) « ل » : « كون » بدل : « فرض وجود ».
(٧) « ل » : نعم لو.