وجوب الامتثال على الوجه المذكور لأنّه إن كان هو الشرع فالمفروض انتفاؤه ، وعلى تقديره ، فلا يجدي لأنّ الكلام في وجوب الاحتياط والإتيان بالمحتملات نظرا إلى دليل الواقع من غير حاجة إلى دليل الاحتياط وإن كان هو العقل من حيث إنّ بعد العلم بتعلّق الوجوب الواقعي على الصلاة بالقبلة الواقعية ، فلا يكون هناك حالة منتظرة للإتيان بالفعل على الوجه المذكور ، فإنّ أريد أنّ مجرّد العلم بتعلّق الوجوب علّة تامّة لحكم العقل بوجوب الاحتياط كما في صورة حصول العلم التفصيلي ، فغير سديد لجواز تصريح الشارع بالعفو عن الاحتياط من غير محذور كما هو واقع أيضا ، فلا يصحّ قياسه بالعلم التفصيلي كما لا يخفى ، وإن أريد أنّه مقتض للاحتياط ، فغير مفيد لجواز تخلّف المقتضي عن المقتضى (١) لاحتمال وجود المانع.
فالجواب عنه أنّ مطلق العلم بتعلّق التكليف بالأمر الواقعي مع إمكان الامتثال علّة تامّة للإطاعة عقلا كما تشهد به صراحة الوجدان وهي على قسمين :
إمّا عقلية صرفة كما إذا لم يرد من الشارع ما يسقط بعض الاحتمالات ، فيجب الإتيان بها طرّا لتحصيل الامتثال ، وذلك ظاهر جدّا.
وإمّا شرعية كما إذا دلّ الدليل الشرعي على سقوط بعض المحتملات فإنّ للشارع أن يجعل إطاعة هذا الأمر على هذا الوجه فكأنّه بدل من الواقع كما إذا قامت البيّنة على تعيين القبلة الواقعية ، ولا ضير في ذلك.
وبالجملة ، فكما أنّ قيام البيّنة العادلة على تعيين القبلة الواقعية مشخّص (٢) لموضوع الأمر ويحصل الامتثال بالعمل على مفادها من غير نكير ، فكذا حكم الشارع بإسقاط بعض المحتملات لا يضرّ في الامتثال وحصول الإطاعة بالنسبة إلى الأمر الواقعي فإنّ امتثاله فيه ، فظهر صحّة مقايسته بالعلم التفصيلي فإنّ تجويز (٣) ترك الإطاعة مطلقا
__________________
(١) « س » : ـ عن المقتضى.
(٢) « م » : فمشخّص.
(٣) « س » : فإن يجوز.