القسم الثاني : هل يجوز المخالفة العملية في الموضوعات أو لا؟ فيه تفصيل بين ما يلزم من المخالفة طرح خطاب تفصيلي يتوجّه إلى المخاطب ، فلا يجوز ؛ للزوم الإطاعة شرعا وعقلا بعد التكليف ، وبين ما لا يلزم ، فيجوز.
و (١) من أمثلة الأوّل الشبهة المحصورة كما إذا علمنا بنجاسة أحد الإناءين إجمالا ؛ فإنّ قضيّة النهي عن استعمال النجاسة الظاهرة في الواقعية منها لزوم (٢) الاجتناب ، فيحرم المخالفة القطعية ، فيجب الموافقة القطعية ؛ فإنّ بعد ما فرض من (٣) أنّ المطلوب الاجتناب عن النجاسة الواقعية المشتبهة في الخارج ، فلا ريب في وجوب الاجتناب عن أطراف الشبهة بتمامها ، وإلاّ فلا بدّ من القول بجواز الارتكاب مطلقا ، أو فيما سوى مقدار المحرّم ، فظهر أنّ القول بحرمة المخالفة القطعية يلازم القول بوجوب الموافقة القطعية في المقام ، والمنكر مكابر.
ومن أمثلته لو جهل جهة القبلة ، فلا بدّ من الإتيان بالصلاة مكرّرا على الجهات على حسب ما يقتضيه الجهل فيها ، وإلاّ فيلزم طرح خطاب تفصيلي يدلّ على وجوب الصلاة على جهة القبلة الواقعية.
ومن الأمثلة ممّا لو علم بأنّ الموجود المعلوم إمّا خمر أو بول ، فمقتضى لزوم الاجتناب عن النجس لزومه فيه.
ومن الأمثلة ما لو تزوّج أحد امرأة واشترى أمة ، فعلم حريّة الأمة أو مرضعية الزوجة ، فيلزم الاجتناب عنهما في لوازمهما ؛ لئلاّ يلزم طرح خطاب تفصيلي متوجّه إليه وهو قوله تعالى : ( فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ )(٤) فإنّ المفروض في صورة عدم الاجتناب القطع بأنّه مقدم على الابتغاء بما وراء ما ذكره في صدر الآية ، فلا بدّ من الاجتناب.
__________________
(١) « ل » : ـ و.
(٢) « ش » : للزوم.
(٣) « ل » : ـ من.
(٤) المؤمنون : ٧ ؛ المعارج : ٣١.