يلزم ، فلا يجب الاجتناب وإن لزم العلم بمخالفة أحد الخطابين ـ لو لم يجتنب ـ إجمالا في كلتا الواقعتين للأصل السالم عن معارضة خطاب تفصيلي ، والعلم بمخالفة أحد الخطابين إجمالا لم يعلم تأثيره في قطع الأصل ؛ لعدم الدليل عليه ، فالأصل عدم انقطاعه به (١).
ومن أمثلته لو اشترى دارا وتزوّج امرأة ، ثمّ علم إجمالا أنّ أحد العقدين فاسد إمّا لأنّ الزوجة مرضعة له ، أو أنّ الدار وقف على الفقراء والمساكين ، ولا فرق في ذلك بين علمه بذلك قبل الإقدام أو بعده بإحدى الواقعتين.
لا يقال : إنّ قضيّة تعليق (٢) أدلّة البراءة موردها بحصول العلم عدم جريانها عند حصوله مطلقا إجماليا كان أو تفصيليا كما في الشبهة المحصورة ، فلا وجه للاستناد إليها في مثل المقام.
لأنّا نقول : مرجع العلم الإجمالي في المقام إلى شكّين تفصيليّين عند التحليل بخلاف الشبهة المحصورة ، فلو لم يكن فيها خطاب تفصيلي يجب الأخذ به ، لما قلنا بالاجتناب فيها أيضا ، فإنّ أدلّة البراءة عقلا ونقلا في مورد الشكّ محكّمة ، والعلم المردّد بين الواقعتين لا يوجب العلم بخصوصية إحداهما ، فكلّ منهما مشكوك تفصيلا ، ولا يجب امتثال خطابات الشارع ما لم يعلم (٣) تعلّقها بالخصوص ، ولو كان مجملا في محلّه كأن نعلم في المثال المفروض تعلّق الخطاب إجمالا بحرمة الزوجة ، وعدمه على هذا الوجه في المقام أيضا معلوم ؛ إذ الإجمال يكون بين الواقعتين ، فتدبّر.
فإن قلت : في المقام أيضا خطاب تفصيلي يلزم طرحه عند طرح العلم الإجمالي في الواقعتين وهو ما دلّ على وجوب الانتهاء عن المحرّمات وحرمة ارتكابها.
قلت : لو سلّمنا ذلك ، فلا يكفي ولا يجدي فيما نحن فيه ؛ فإنّه على تقديره أمر
__________________
(١) « ل » : ـ به.
(٢) « ل » : تعلّق.
(٣) « ش » : نعلم.