صدقها بل والمدّعي بذلك (١) لا يدّعيها أيضا كما لا يخفى.
فظهر الفرق بين الشبهة المحصورة وبين المقام ؛ فإنّه يجب الاجتناب فيها دون المقام ، فلو ارتكب أحد إحدى الإناءات المشتبهة ، وصادف النجس الواقعي ، ترتّب عليها ما يترتّب عليه من الأحكام الواقعية من الثواب والعقاب والمفسدة والمصلحة وغير ذلك ، فلم لم (٢) يصادف ينعطف الحكم إلى ما ذكرناه في التجرّي ، ولا يلزم من عدم التفطّن (٣) بالخطابات كون الشاكّ مكلّفا ولو لم يكن عالما إجمالا كما قد يتوهّم ؛ فإنّ عدم التكليف إنّما هو من جهة جهل المكلّف لا من قصور في الخطاب.
لا يقال : إنّ اتّصاف الأعيان بالحلّ والحرمة ، والنجاسة والطهارة راجع إلى ملاحظة حال فعل المكلّف ، فحرمة الخمر راجعة إلى حرمة شربه وإن كان ذلك ممّا تقتضيه الحكمة الكامنة (٤) في نفس تلك الأعيان بأنفسها من غير ملاحظة العلم والجهل فيها إلاّ أنّ إضافتها إلى المكلّف تقضي بلزوم العلم فيها.
لأنّا نقول : إن أريد باعتبار العلم في معاني تلك الأعيان ، فسقوطه واضح ؛ لأنّ ما ذكر لا يصلح وجها للتصرّف في معنى اللفظ (٥) ، وإن أريد بقيد الخطاب بمطلق العلم ، فلا جدوى فيه ؛ لأنّه موجود في صورة الإكمال أيضا ، وليس كذلك فيما لم يكن هناك خطاب تفصيلي كما في المثال المفروض ؛ إذ وجود كلّ من الخطابين مشكوك بالشكّ التفصيلي ، والعلم الإجمالي لا ينتج شيئا إلاّ بعد ضمّ كبرى كلّية إليه إمّا بأن يدلّ على اعتباره في المقام دليل ، أو يكون في الشرع دليل خاصّ تفصيلي ينهض كبرى للقياس ، ومن المعلوم انتفاؤها (٦) ، والخطاب الانتزاعي قد مرّ حاله. ثمّ إنّ هاهنا أقوالا أخر في المسألة لا بأس بالتنبيه عليها.
__________________
(١) كذا في النسختين ، والأظهر : لذلك.
(٢) « ل » : ـ لم.
(٣) المثبت من « خ ل » بهامش « ل » وفيها و « ش » : تخصيص.
(٤) « ل » : الكائنة.
(٥) « ل » : ـ اللفظ.
(٦) « ش » : انتفاؤهما.