الارتياب إلاّ أنّه لا يجدي ؛ فإنّ قضيّة مراعاة قواعد اللفظ حصول المقصود من الأمر ، وترتّب ما يترتّب عليه من المصالح والمفاسد على كلّ من الاختياري وغيره ، لما قد نقل عليه إجماع السكّاكي (١) من أنّ المصادر المجرّدة عن اللام والتنوين ـ التي هي متعلّقات الأوامر والنواهي ـ موضوعة للماهية (٢) المعرّاة عن جميع اللواحق ، ومدلول الهيئة لا يزيد على طلب تلك المادّة من غير تقييدها (٣) باختيار ولا غيرها ، غاية الأمر أنّ الطلب الصادر من الآمر لا يتعلّق بغير الاختياري (٤) ، وذلك لا يوجب تقييد (٥) مدلول المادّة به (٦).
والحاصل : أنّا نفرّق بين المقصود والمطلوب ، ففي الأوّل يكفي اختيارية الفعل نوعا ، وفي الثاني لا بدّ من كونه اختياريا شخصا ، والمدار على الأوّل في الامتثال ؛ إذ لا يقضي لفظ الأمر بأمر زائد عليه ؛ وعدم الكفاية في الثاني إنّما هو من جهة قصور في الطلب لا من جهة عدم صلوح اللفظ ؛ فما ذكره المفصّل ـ من عدم الامتثال فيهما لو ضرب نائما بعد الأمر به ـ في معرض المنع.
نعم ، ذلك الضرب ليس مطلوبا ، واختلاف أحكام الطلب وما تعلّق به الأمر ممّا لا يخفى على أحد ، وعلى مثل ذلك يبنى في صحّة الصلاة في الدار المغصوبة ؛ فإنّ الصلاة الصادرة على وجه (٧) المحرّم تنافي كونها مطلوبة لكن لا تنافي التوصّل بها إلى مقصود المولى ، فإنّ الماهيّة بجميع أفرادها من حيث إطلاقها متعلّقة للأمر ، ومتصوّرة في أوّل (٨) الأمر ، وعدم كون الفرد المحرّم مطلوبا ـ كما لو (٩) قلنا ـ إنّما هو من جهة قصور في الطلب
__________________
(١) عنه في القوانين ١ : ٩١ ، ١٢١ ، ٢٠٠ ـ ٢٠١ ، ٢٠٢ ؛ وفي هداية المسترشدين : ١٧٨ و ٢١٢ ؛ وفي الفصول : ٧١ ؛ وفي كفاية الأصول : ٧٧ ؛ وتهذيب الأصول ١ : ١٢٩ و ٢٧٢.
(٢) « ش » : للماهية.
(٣) « ش » : تقيّدها؟
(٤) « ل » : لا يتعلّق إلاّ بالاختياري.
(٥) « ش » : تقيّد؟
(٦) « ل » : المادّية؟
(٧) كذا في النسختين ، والصحيح : الوجه.
(٨) « ل » : ـ أوّل.
(٩) « ش » : ـ لو.