لا من جهة عدم تعلّق القصد به ، فتأمّل.
وقد يجاب أيضا بأنّ المرتكب في الصورة المفروضة لا يعدّ عرفا غير قاصد ، ولا فرق في ذلك بين قصده شرب الكلّ والبعض.
نعم ، قد يمكن القول بذلك فيما لو قطع بالخلاف ، فانكشف الخلاف ؛ فإنّه يلحقه أحكام الاضطرار (١).
[ القسم ] الثالث : من أقسام المخالفة هو المخالفة القطعية الحكمية في مجرّد الفتوى كما إذا اختلفت الأمّة في وجوب شيء وحرمته على قولين ، فالحكم بأصالة البراءة والقول بالإباحة مخالف لفتوى الفريقين في نفس القول ، وأمّا العمل ففي صورة اختيار الفعل يوافق القول بالوجوب ، وفي صورة اختيار الترك يطابق القول بالحرمة ، فلا مخالفة في العمل فلا ريب (٢) في جوازها كما تقدّم منّا في توجيه كلام العلاّمة نظرا إلى عدم انصراف الحكم على خلاف ما أنزل الله تعالى إلى مثله.
بل قد يقال : إنّه أخذ بمقتضى الأدلّة الظاهرية بعد امتناع الوصول إلى الواقع إلاّ أنّه يظهر من الأصحاب فيما إذا دار الأمر بين المتباينين ـ كما في المقام ـ التخيّر بين الحكمين والتديّن بأحد الوجهين تخييرا بدويا أو استمراريا على الخلاف المقرّر كما في أخذ المقلّد وتديّنه بفتوى أحد المجتهدين عند اختلافهما في الحكم بوجوب شيء وحرمته.
وليس على ما ينبغي ؛ فإنّ مبناه تخيّلهم اعتبار العلم الإجمالي في مثل المقام ولا دليل عليه ، وعلى تقديره ، فاللازم منه بعده هو التخيير (٣) بين الفعل والترك المساوق للإباحة لا التخيير (٤) بينهما على جهة استنادهما إلى أحد الحكمين.
__________________
(١) في هامش « ش » : ثمّ لا يخفى أنّ الأقوال المسطورة أقواها ما عرفت من التفصيل المختار ثمّ بعد ذلك فالأقوى القول بالمنع في الجميع وبعده التفصيل الأخير ، فتدبّر. « منه ».
(٢) « ش » : ولا ريب.
(٣) في النسخ : التخيّر.
(٤) في النسخ : « التخيّر ».