والسرّ في ذلك أنّ مقتضى العلم الإجمالي فيما دار الأمر بين المتباينين كالظهر والجمعة أوّلا تحصيل الموافقة القطعية ، فلا بدّ في المقام من الفعل والترك حيث إنّ ذلك غير ممكن ، فلا بدّ من المصير إلى ما لا يلزم معه المخالفة القطعية ، وهذه لا تقضي بأزيد من التخيير (١) بين الفعل والترك المساوق للإباحة ، وأمّا أنّ الفعل أو الترك لا بدّ وأن يقع على أحد الوجهين ، فلا دليل عليه إلاّ أن يقال : إنّ حكمهم بالتخيير (٢) على هذا الوجه مبني على دليل آخر كأدلّة وجوب الإطاعة نظرا إلى عدم تحقّقها إلاّ على الوجه المذكور ولو احتياطا ، وللأخبار الواردة في علاج المتعارضين الحاكمة بالتخيير (٣) بينهما بدعوى ظهورها فيه على وجهها.
القسم الرابع : من أقسام المخالفة هو المخالفة الحكمية في الفتوى والعمل أيضا وهي أيضا ـ كما في الموضوعية ـ تنقسم إلى قسمين ؛ فإنّه تارة يلزم فيها طرح خطاب تفصيلي ، وأخرى لا يلزم ، مثال الأوّل اختلافهم في وجوب الظهر والجمعة ، فلو قيل بعدم وجوبهما رأسا ، يلزم مخالفة العلم الإجمالي فتوى وعملا ، ويلزم طرح خطاب الصلاة المتوجّه على المكلّف تفصيلا.
لا يقال : خطاب صلاة الجمعة يغاير خطاب صلاة الظهر ، فليس من المفروض.
لأنّا نقول أوّلا : يتوجّه على المكلّف وقت الظهر في الجمعة خطاب واحد وإن كان مردّدا بين الصلاتين ، ومجملا بالنسبة إليهما.
وثانيا : وإن سلّمنا تعدّد الخطاب إلاّ أنّهما (٤) في حكم الواحد بعد العلم بأنّ البراءة في أحدهما تقضي (٥) بها في الآخر ، وتعدّد الخطاب إنّما يجدي فيما إذا لم يكن بين الخطابين
__________________
(١) « ش » : التخيّر.
(٢) « ش » : التخيّر.
(٣) « ش » : التخيّر.
(٤) « ل » : أنّها؟
(٥) « ل » : تقتضي.