لا يقال : لعلّ الوجه في العمل (١) بها انسداد باب العلم ، فلا دلالة فيها على اعتبارها بالخصوص كما هو المطلوب.
لأنّا نقول : يمكن دعوى استقرار طريقتهم في العمل بها حتّى في صورة الانفتاح أيضا ؛ فإنّ أصحاب الأئمّة مع تمكّنهم عن تحصيل العلم كانوا يستدلّون بظواهر القرآن على جلّ مطالبهم.
ولو سلّم ، فكان الانسداد من جهة عدم التمكّن غالبا من استفادة المطالب من الألفاظ بالعلم ، ولا ينافي ذلك اعتبار الظواهر بالخصوص بل هو الوجه في اعتماد العقلاء عليه فيصير ظنّا خاصّا كما لا يخفى.
سلّمنا الانسداد من جهة عروض السدّ كما في أمثال زماننا ؛ لعدم إمكان الوصول غالبا إلى المعصوم لكنّه لا يخفى في انفتاح باب العلم ولو في بعض الأوقات ، فلا بدّ لهم من السؤال ، وإلاّ فلا بدّ من الحكم بتفسيقهم حاشاهم عن ذلك ، فإن أجاب المعصوم بالعمل بها ، فهو وإن لم يجبهم ووكلهم إلى ما هو طريق عندهم (٢) من الاعتماد على مطلق الظنّ ، فهو خلاف اللطف منهم ، وهو لا يجوز عليهم ، فإنّ السؤال ناظر إلى الواقع ، فهو كتأخير البيان عن وقت الحاجة.
ومن هنا يظهر عدم جواز الإحالة على الاستصحاب وغيره من الأصول العملية إذا سألوا عن المسألة الفرعية كنجاسة القليل بمجرّد ملاقاة النجاسة.
ولو سلّم فغاية ما هناك عدم العلم بجهة عملهم بظواهر الكتاب ولا ضير فيه ؛ إذ الجهل بالجهة إنّما يضرّ فيما لو احتملنا استناد العمل إلى جهة لم نكن واجدا لها ، وأمّا لو كنّا واجدين للجهة المحتملة أيضا من الاضطرار ونحوه مثلا ، فلا شكّ في اعتبار العمل عندنا ، غاية ما في الباب عدم العلم بخصوص الجهة على تقديره ، ولا ثمرة في العلم بها إلاّ عند التعارض ، فيقدّم على غيره لو كان من جهة الظنون الخاصّة ، ويتوقّف على
__________________
(١) « ش » : وجه العمل.
(٢) « ل » : طريقهم.