المرجّح لو كان من غيرها كما ستعرف.
وعلى التقديرين لا بدّ من تقديم الظنون الاجتهادية على الظنّ الحاصل من استعمال الأصول اللفظية من أصالة الحقيقة ونحوها في الكتاب الكريم ؛ إذ بعد ما فرض ـ من كونها حجّة ولو من جهة مطلق الظنّ ـ لا مجرى لأصالة الحقيقة عند معارضتها لها.
والحاصل : أنّ الإجماع العملي من الصحابة والتابعين ـ المعبّر عنه بالسيرة المستمرّة ـ حاصل على اعتبار أصالة الحقيقة المعمولة في الكتاب الكريم ، ولا وجه للاحتمال (١) المذكور من أنّه لعلّ العمل المذكور من جهة الانسداد.
أمّا أوّلا ، فلأنّ الانسداد في المقام ـ على تقدير تسليمه لما عرفت من التمكّن لتحصيل العلم ولو بالنسبة إلى بعضهم ولو في بعض الأوقات ـ إنّما هو (٢) حكمة (٣) لجواز العمل بالظنون اللفظية لا علّة كما هي قضية دليل الانسداد ، فالداعي في تشريع الحكم وجواز الاعتماد عليها ـ كما دلّ عليه الإجماع ـ هو الانسداد.
وأمّا ثانيا ، فلأنّه لا وجه لتعيين الوجه إلاّ التقدّم في التعارض ، أو التوقّف إلى حصول مرجّح ، والظنون الاجتهادية تقدّم على الظنون اللفظية مطلقا ، فلا ثمرة في التعيين.
الثالث : الأخبار الواردة في هذا المضمار ، عن السادة الأطهار ، عليهم صلوات الجبار ، وهي صنفان :
صنف منها دالّ على وجوب الأخذ بما وافق الكتاب وطرح ما خالفه (٤) ، وإنّ الفتن إذا غلبت كقطع الليل المظلم ، لزم الرجوع إليه ؛ لأنّ فيه تفصيلا (٥) ، وأنّ ما وجدتم فيه أو في السنّة ، لزمكم العمل به ، ولا عذر لكم في تركه (٦) ، وأنّ كلّ شيء مردود إلى
__________________
(١) « ل » : لاحتمال؟
(٢) « ل » : ـ هو.
(٣) « خ ل » بهامش « ش » : مؤكّد.
(٤) الفصول المختارة : ١٧٧.
(٥) الوسائل ٦ : ١٧١ ، باب ٣ من أبواب قراءة القرآن ، ح ٣.
(٦) الوسائل ٢٧ : ١١٤ ـ ١١٥ ، باب ٩ من أبواب صفات القاضي ، ح ٢١.