عن زرارة قال : قلت لأبي جعفر ـ عليه السّلام ـ : [قد] (١) أدركت الحسين ـ صلوات الله عليه ـ؟
قال : نعم ، أذكر وأنا معه في المسجد الحرام ، وقد دخل فيه السّيل والنّاس يقومون على المقام ، يخرج الخارج يقول : قد ذهب به السّيل ، ويخرج منه الخارج فيقول : هو مكانه.
قال : فقال لي : يا فلان ما صنع هؤلاء؟
فقلت : أصلحك الله ، يخافون أن يكون السّيل قد ذهب بالمقام.
فقال : ناد ، إنّ الله قد جعله (٢) علما لم يكن ليذهب به ، فاستقرّوا ، وكان موضع المقام الّذي وضعه إبراهيم ـ عليه السّلام ـ عند جدار البيت ، فلم يزل هناك حتّى حوّله أهل الجاهليّة إلى المكان الّذي هو فيه اليوم ، فلمّا فتح النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ مكّة ردّه إلى الموضع الّذي وضعه إبراهيم ـ عليه السّلام ـ فلم يزل هناك إلى أن وليّ عمر بن الخطّاب ، فسأل النّاس : من منكم يعرف المكان الّذي كان فيه المقام؟
فقال رجل. أنا قد كنت أخذت مقداره بنسع (٣) ، فهو عندي.
فقال : ائتني (٤) به ، فأتاه به ، فقاسه ثمّ ردّه إلى ذلك المكان.
(وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً) : جملة ابتدائية أو شرطيّة ، معطوفة من حيث المعنى على «مقام» لأنّه في معنى «وأمن من دخله» ، أي : منها أمن من دخله ، أو فيه آيات بيّنات مقام إبراهيم وأمن من دخله. واقتصر بذكرهما من الآيات الكثيرة ، لأنّ فيهما غنية عن غيرهما في الدّارين ، بقاء الأثر مدى الدّهر ، والأمن من العذاب يوم القيامة.
في كتاب علل الشّرائع (٥) ، بإسناده إلى أبي زهرة شبيب بن أنس (٦) ، عن بعض
__________________
(١) من المصدر.
(٢) النسخ : «جعل». وما أثبتناه في المتن موافق المصدر
(٣) النّسع : حبل من أدم يكون عريضا على هيئة أعنّة النّعال تشدّ به الرحال.
(٤) هكذا في المصدر. وفي النسخ : ياتيني.
(٥) علل الشرائع / ٨٩٠ ـ ٩١ ، مقطعين من حديث ٥.
(٦) هكذا في الأصل. وفي المصدر : «أبي زهير شبيب بن أنس». وفي أ : «أبي زهرة بن شبيب بن أنس».
وعلى أي حال لم نعثر عليهم أو عليهما في كتب التراجم والرجال. ويوجد في تنقيح المقال ، في فصل الكنى ، ٣ / ١٧ راوي يسمّى بأبو زهير النهدي ، الّذي «روى الشيخ ـ رحمه الله ـ في باب كيفية الصلوة من التهذيب عن محمد بن يحيى عنه عن آدم بن إسحاق ولم يذكر اسمه.» والله العالم.