فقال : لا ، ولكّنه يعني : الحجّ والعمرة جميعا ، لأنّهما مفروضان.
وفي مصباح الشّريعة (١) : قال الصّادق ـ عليه السّلام ـ : واعلم ، بأنّ الله تعالى لم يفرض (٢) الحجّ ولم يخصّه من جميع الطّاعات [، إلّا] (٣) بالإضافة إلى نفسه بقوله ـ تعالى ـ : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً). ولا شرع (٤) نبيّه ـ صلّى الله عليه وآله ـ سنّته في خلال المناسك على ترتيب ما شرعه (٥) ، إلا للاستعداد والاشارة إلى الموت والقبر والبعث والقيامة ، وفضل (٦) بيان السّابقة من الدّخول في الجنّة أهلها ودخول النّار أهلها بمشاهدة مناسك الحجّ من أوّلها إلى آخرها لأولي الألباب وأولي النّهى].(٧)
(وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ) (٩٧) :
وضع «كفر» موضع لم يحجّ ، تأكيدا لوجوبه ، وتغليظا على تاركه. وقد أكّد أمر الحجّ في هذه الآية من وجوه الدّلالة على وجوبه بصيغة الخبر ، وإبرازه في الصّورة الاسميّة ، وإيراده على وجه يفيد أنّه حقّ واجب لله في رقاب النّاس. وتعميم الحكم أوّلا وتخصيصه ثانيا ، فإنّه كإيضاح بعد إبهام وتنبيه وتكرير للمراد. وتسمية ترك الحجّ كفرا من حيث أنّه فعل الكفرة. وذكر الاستغناء ، فإنّه في هذا الموضع ممّا يدلّ على المقت والخذلان ، وإيراد «عن العالمين» بدل عنه ، لما فيه من التّعميم ، والدّلالة على الاستغناء عنه بالبرهان ، والإشعار بعظم السّخط ، وذلك لأنّه تكليف شاقّ جامع بين كسر النّفس وإتعاب البدن وصرف المال والتّجرّد عن الشّهوات والإقبال على الله.
وفي من لا يحضره الفقيه (٨) : في وصيّة النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ لعليّ ـ عليه السّلام ـ : يا علي ، تارك الحجّ وهو مستطيع كافر ، قال الله ـ تبارك وتعالى ـ :
__________________
(١) شرح فارسى مصباح الشريعة / ١٤٩ ـ ١٥٠.
(٢) المصدر : لم يفترض.
(٣) من المصدر.
(٤) المصدر : لا سنّ.
(٥) المصدر : «في حلال وحرام ومناسك» بدل «سنّته في خلال المناسك على ترتيب ما شرعه». وأشار المصحح ـ رحمه الله ـ في هامش المصدر بقوله : كذا في النسخة المشروحة. ولكن في البحار والمحجّة والمستدرك ونسخة مصطفوى : «ولا شرع نبيّه ـ صلّى الله عليه وآله ـ سنّته في خلال المناسك على ترتيب ما شرعه». فليلاحظ.
(٦) المصدر : فصل.
(٧) ما بين المعقوفتين ليس في أ.
(٨) في من لا يحضره الفقيه ٤ / ٢٦٦.