وفي لفظ «منكم» إشعار بأنّه غير النّبيّ ، فيجب من دلالة الآية أن يكون أمّة غير النبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ يكون نفسه معصوما ويعلم كلّ خير وكلّ معروف وكلّ منكر ، يدعو ويأمر وينهى.
وفي الكافي (١) : علىّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن بكر بن صالح ، عن القاسم بن بريد (٢) ، عن أبي عمرو الزّبيريّ ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : قلت أخبرني عن الدّعاء الى الله والجهاد في سبيله ، أهو لقوم لا يحلّ إلّا لهم ولا يقوم به إلّا من كان منهم ، أم هو مباح لكلّ من وحّد الله ـ عزّ وجلّ ـ وآمن برسوله ـ صلّى الله عليه وآله ـ ومن كان كذا فله أن يدعو إلى الله ـ عزّ وجلّ ـ وإلى طاعته وأن يجاهد في سبيله؟
فقال : ذلك لقوم لا يحلّ إلّا لهم ، ولا يقوم بذلك إلّا من كان منهم.
قلت : من أولئك؟
قال : من قام بشرائط الله في القتال والجهاد على المجاهدين ، فهو المأذون له في الدّعاء إلى الله تعالى ومن لم يكن قائما بشرائط الله في الجهاد على المجاهدين ، فليس بمأذون له في الجهاد ولا الدّعاء إلى الله ، حتّى يحكم في نفسه ما أخذ الله عليه من شرائط الجهاد (٣) ـ إلى أن قال ـ عليه السّلام ـ : ومن كان على خلاف ذلك ، فهو ظالم وليس من المظلومين وليس بمأذون له في القتال ولا بالنّهي عن المنكر والأمر بالمعروف ، لأنّه ليس من أهل ذلك ولا مأذون له في الدّعاء إلى الله ـ تعالى ـ لأنّه ليس يجاهد مثله وأمر بدعائه إلى الله ، ولا يكون مجاهدا من قد أمر المؤمنين بجهاده وحظر الجهاد عليه ومنعه منه ، ولا يكون داعيا إلى الله ـ تعالى ـ من أمر بدعاء مثله إلى التّوبة والحقّ والأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر ولا يأمر بالمعروف من قد أمر أن يؤمر به ولا ينهى عن المنكر من قد أمر أن ينهى عنه (٤).
وفي هذا الحديث يقول ـ عليه السّلام ـ : ثمّ ذكر من أذن له في الدّعاء إليه بعده وبعد رسوله في كتابه فقال : (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ). ثمّ أخبر عن هذه الأمّة [وممّن] (٥) هي ، وإنّها من ذرّيّة
__________________
(١) الكافي ٥ / ١٣ ـ ١٩ ، ح ١ ، مقاطع منه.
(٢) هكذا في المصدر. وفي النسخ : «القاسم بن يزيد». ر. رجال النجاشي / ٣١٢ ، رقم ٨٥٧.
(٣) إلى هنا يوجد في المصدر ، في ص ١٣.
(٤) إلى هنا يوجد في المصدر ، في ص ١٧ ـ ١٨.
(٥) ليس في أ.