وفي التّهذيب (١) : عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ أنّه قال : لا يزال النّاس بخير ما أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر وتعاونوا على البرّ [والتّقوى] (٢) ، فإذا لم يفعلوا ذلك نزعت منهم البركات ، وسلّط بعضهم على بعض ، ولم يكن لهم ناصر في الأرض ولا في السّماء.
وفي الكافي والتّهذيب (٣) : عن الباقر ـ عليه السّلام ـ قال : يكون في آخر الزّمان قوم يتبع فيهم قوم مراؤون يتقرّءون ويتنسّكون ، حدثاء سفهاء لا يوجبون أمرا بمعروف ولا نهيا عن منكر ، إلّا إذا أمنوا الضّرر يطلبون لأنفسهم الرّخص والمعاذير ، يتّبعون زلّات العلماء وفساد علمهم (٤) ، يقبلون على الصّلاة والصّيام وما لا يكلمهم في نفس ولا مال ، ولو أخّرت الصلاة بسائر ما يعملون بأموالهم وأبدانهم لرفضوها كما رفضوا أسمى (٥) الفرائض وأشرفها.
إنّ الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر فريضة عظيمة ، بها تقام الفرائض. هنالك يتمّ غضب الله عليهم فيعمّهم (٦) بعقابه ، فيهلك الأبرار في دار الفجّار ، والصّغار في دار الكبار. إنّ الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر سبيل الأنبياء ومنهاج الصّالحين (٧) ، فريضة عظيمة ، بها تقام الفرائض وتأمن المذاهب وتحلّ المكاسب وتردّ المظالم وتعمر الأرض وينتصف من الأعداء ويستقيم الأمر.
فأنكروا بقلوبكم وألفظوا بألسنتكم وصكّوا بها جباههم ولا تخافوا في الله لومة لائم ، فإن اتّعظوا وإلى الحقّ رجعوا فلا سبيل عليهم ، (إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) ، هنالك فجاهدوهم بأبدانكم وأبغضوهم بقلوبكم ، غير طالبين سلطانا ولا باغين مالا ولا مريدين بظلم (٨) ظفرا ، حتّى يفيئوا إلى أمر الله ويمضوا على طاعته.
قال أبو جعفر ـ عليه السّلام (٩) ـ : وأوحى الله إلى شعيب النّبيّ : إنّي معذّب من
__________________
(١) التهذيب ٦ / ١٨١ ، ح ٣٧٣.
(٢) من المصدر.
(٣) الكافي ٥ / ٥٥ ، ح ١ والتهذيب ٦ / ١٨٠ ، ح ٣٧٢.
(٤) الكافي : عملهم.
(٥) التهذيب : أتم.
(٦) هكذا في أ ، فقط. وفي المصدرين والنسختين الأصل ور : فيعمهم. أ : فيعمّيهم.
(٧) الكافي : منهاج الصلحاء.
(٨) النسخ والتهذيب : «بالظلم». وما أثبتناه في المتن موافق «الكافي».
(٩) «قال أبو جعفر ـ عليه السّلام ـ» ليس في الكافي.