كان الظّفر لهم علينا.
فقام سعد بن معاذ (١) وغيره من الأوس فقالوا : يا رسول الله ، ما طمع فينا أحد من العرب ونحن مشركون نعبد الأصنام ، فكيف يطمعون (٢) فينا وأنت فينا؟! لا حتّى نخرج إليهم ونقاتلهم ، فمن قتل منّا كان شهيدا ، ومن نجا منّا كان مجاهدا (٣) في سبيل الله. فقبل رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ رأيه ، وخرج مع نفر من أصحابه يتبوّؤن موضع القتال كما قال سبحانه : (وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ) (الآية) وقعد عنه عبد الله بن (٤) أبيّ وجماعة من الخزرج اتّبعوا (٥) رأيه.
ووافت قريش إلى أحد ، وكان رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ عبّا أصحابه ، وكانوا سبعمائة رجل ، فوضع عبد الله بن جبير في خمسين من الرّماة على باب الشّعب ، وأشفق أن يأتيهم (٦) كمينهم من ذلك المكان ، فقال ـ صلّى الله عليه وآله ـ لعبد الله بن جبير وأصحابه : إن رأيتمونا قد هزمنا هم حتّى أدخلناهم مكّة فلا تبرحوا من هذا المكان ، وإن رأيتموهم قد هزمونا حتّى أدخلونا المدينة فلا تبرجوا والزموا مراكزكم.
ووضع أبو سفيان خالد بن الوليد في مأتي فارس كمينا ، وقال [له] (٧) إذا رأيتمونا قد اختلطنا [بهم] (٨) فاخرجوا عليهم من هذا الشّعب حتّى تكونوا وراءهم (٩).
وعبّأ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ أصحابه ، ودفع الرّاية إلى أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ فحمل الأنصار على مشركي قريش فانهزموا هزيمة قبيحة ، ووقع (١٠) اصحاب رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ في سوادهم ، وانحطّ خالد بن الوليد في مأتى فارس على عبد الله بن جبير ، فاستقبلوهم بالسّهام فرجع.
ونظر أصحاب عبد الله بن جبير إلى أصحاب رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ ينتهبون (١١) سواد القوم ، فقالوا لعبد الله بن جبير : قد غنم أصحابنا ونبقى نحن بلا غنيمة؟
__________________
(١) المصدر : سعيد بن معاذ.
(٢) أ : يظفرون.
(٣) المصدر : قد جاهد.
(٤) المصدر : عبد الله بن أبي سلول.
(٥) هكذا في المصدر : وفي النسخ : ابتغوا.
(٦) المصدر : أن يأتي.
(٧ و ٨) ليس في المصدر.
(٩) يوجد في النسخ بعد هذه العبارة : فلمّا أقبلت الخيل واصطفوا.
(١٠) المصدر : وضع.
(١١) هكذا في المصدر. وفي النسخ : ينهبون.