فقال عبد الله : اتقوا الله ، فإنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ قد تقدّم إلينا ألّا نبرح ، فلم يقبلوا منه ، وأقبلوا ينسلّ رجل فرجل حتّى أخلوا مراكزهم ، وبقي عبد الله بن جبير في اثني عشر رجلا.
وكانت راية قريش مع طلحة بن أبي طلحة العبديّ من بني عبد الدّار ، فقتله عليّ ـ عليه السّلام ـ فأخذ الرّاية أبو سعيد بن أبي طلحه ، فقتله علي ـ عليه السّلام ـ وسقطت الرّاية ، فأخذها مشافع بن [أبي] (١) طلحة ، فقتله ، حتّى قتل تسعة [نفر] (٢) من بني عبد الدّار ، حتّى صار لواؤهم إلى عبد لهم أسود يقال له : صواب (٣) ، فانتهى إليه عليّ ـ عليه السّلام ـ فقطع يده [اليمنى ،] (٤) فأخذ اللّواء (٥) باليسرى ، فضرب يسراه فقطعها ، فاعتنقها بالجذماوين إلى صدره ، ثمّ التفت إلى أبي سفيان فقال : هل أعذرت (٦) في بني عبد الدّار؟ فضربه عليّ ـ عليه السّلام ـ على رأسه فقتله ، فسقط اللّواء ، فأخذتها عمرة (٧) بنت علقمة الكنانيّة (٨) فرفعتها.
وانحطّ خالد بن الوليد على عبد الله بن جبير ، وقد فرّ (٩) أصحابه وبقي في نفر قليل ، فقتلهم على باب الشّعب ، ثمّ أتى المسلمين من أدبارهم ، ونظرت قريش في هزيمتها إلى الرّاية قد رفعت ، فلاذوا بها ، وانهزم أصحاب رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ هزيمة عظيمة (١٠) ، وأقبلوا يصعدون في الجبال وفي كلّ وجه. فلمّا رأى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ الهزيمة كشف البيضة عن رأسه ، وقال : إليّ ، أنا رسول الله ، إلى أين تفرّون عن الله وعن رسوله؟
قال : وكانت هند بنت عتبة في وسط العسكر ، فكلّما انهزم رجل من قريش دفعت إليه ميلا ومكحلة ، وقالت : إنّما أنت امرأة فاكتحل بهذا.
وكان حمزة بن عبد المطلب يحمل على القوم ، فإذا رأوه انهزموا ولم يثبت له أحد ،
__________________
(١ و ٢) من المصدر.
(٣) المصدر : الثواب.
(٤) من المصدر.
(٥) هكذا في المصدر. وفي النسخ : الرأية.
(٦) المصدر : غدرت.
(٧) المصدر : «غمرة» وهو وهم
(٨) كذا في المصدر والنسخ. وفي بداية الرواية ذكر لقب «عمرة» بالحارثية. وهو الصواب. ر. اعلام النساء لكحالة ٣ / ٣٥٧.
(٩) هكذا في المصدر. وفي النسخ : فرقوا.
(١٠) هكذا في المصدر. وفي النسخ : غريمة.