وكانت هند قد أعطت وحشيّا عهدا ، لئن قتلت محمّدا أو عليّا أو حمزة لأعطينّك كذا وكذا ، وكان وحشيّ عبدا لجبير بن مطعم حبشيّا ، فقال وحشيّ : أمّا محمّد فلا أقدر عليه ، وأمّا عليّ فرأيته حذرا كثيرا لالتفات فلا مطمع فيه ، فكمنت لحمزة.
قال : فرأيته يهذّ النّاس هذّا ، فمرّبي فوطئ على جرف نهر فسقط ، فأخذت حربتي فهززتها ورميته بها ، فوقعت في خاصرته وخرجت من ثنّته ، فسقط فأتيته فشققت بطنه ، فأخذت كبده وجئت به إلى هند ، فقلت : هذا كبد حمزة ، فأخذتها [في فمها] (١) فلاكتها ، فجعلها (٢) الله في فمها مثل الدّاغصة ـ وهي عظم رأس الرّكبة ـ فلفظتها ورمت بها.
قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : فبعث الله ملكا فحمله وردّه إلى موضعه.
قال : فجاءت إليه فقطعت مذاكيره وقطعت أذنيه وقطعت يده ورجله ، ولم يبق مع رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ إلّا أبو دجانة سماك بن خرشة وعلي ـ عليه السّلام ـ فكلّما حملت طائفة على رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ استقبلهم عليّ ـ عليه السّلام ـ فدفعهم عنه حتّى تقطّع (٣) سيفه ، فدفع إليه رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ سيفه ذا الفقار وانحاز رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ إلى ناحية أحد فوقف ، وكان القتال من وجه واحد ، فلم يزل عليّ ـ عليه السّلام ـ يقاتلهم حتّى أصابه في وجهه ورأسه ويديه وبطنه ورجليه سبعون جراحة.
قال (٤) : فقال جبرائيل ـ عليه السّلام ـ : إنّ هذه لهي المواساة ، يا محمّد.
فقال له (٥) : إنّه منّي وأنا منه (٦).
وقال الصّادق ـ عليه السّلام ـ : نظر رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ إلى جبرائيل بين السّماء والأرض على كرسيّ من ذهب ، وهو يقول : لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلّا عليّ.
وروي : أنّ سبب انهزامهم نداء إبليس فيهم : إنّ محمّدا قد قتل. وكان النّبيّ
__________________
(١) من المصدر.
(٢) المصدر : فجعله.
(٣) هكذا في المصدر. وفي النسخ : انقطع.
(٤) المصدر : «كذا أورده عليّ بن إبراهيم في تفسيره» بدل «قال»
(٥) المصدر : محمد [صلّى الله عليه وآله].
(٦) يوجد في المصدر بعد هذه العبارة : «فقال جبرائيل. وأنا منكما».