أبي الحسن ـ عليه السّلام ـ وأخبرته أنّه ليس يقول بهذا القول ، وأنّه قال : والله لا أريد بلقائه إلّا لأنتهي إلى قوله.
فقال أدخله ، فدخل.
فقال له : جعلت فداك ، أنّه كان فرط منّي شيء وأسرفت على نفسي ، وكان فيما يزعمون أنّه كان بعينه (١) ، فقال (٢) : وأنا (٣) أستغفر الله ممّا كان منّى ، فأحبّ أن تقبل عذري وتغفر لي ما كان منّي.
فقال : نعم أقبل ، إن لم أقبل كان إبطال ما يقول (٤) هذا وأصحابه ـ وأشار إليّ بيده ـ ومصداق ما يقول الآخرون ، يعني ، المخالفين. قال الله لنبيّه ـ عليه وآله السّلام ـ : (فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ). ثمّ سأله عن أبيه ، فأخبره أنّه قد مضى ، واستغفر له.
(وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ) : في أمر الحرب ، إذا الكلام فيه. أو فيما يصحّ أن يشاور فيه ، استظهارا برأيهم ، وتطيّبا لنفوسهم ، وتمهيدا لسنّة المشاورة للأمّة.
وفي نهج البلاغة (٥) : قال ـ عليه السّلام ـ من استبدّ برأيه هلك ، ومن شاور الرّجال شاركها في عقولها.
وفيه (٦) : قال ـ عليه السّلام ـ : والاستشارة عين (٧) الهداية ، فقد خاطر من استغنى برأيه.
وفي كتاب التّوحيد (٨) ، بإسناده إلى أبي البختريّ ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن عليّ ـ عليه السّلام ـ عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ حديث طويل ، وفيه : لا وحدة أوحش من العجب ، ولا مظاهرة أوثق من المشاورة.
وفي كتاب الخصال (٩). عن محمّد بن آدم ، عن أبيه ـ بإسناده ـ قال : قال
__________________
(١) المصدر : يعيبه (بعينه ـ خ ل)
(٢) هكذا في أو المصدر. وفي رو الأصل : فقأ.
(٣) هكذا في المصدر. وفي النسخ : أن.
(٤) ر : أقول.
(٥) نهج البلاغة / ٥٠٠ ، حكمة ١٦١.
(٦) نفس المصدر / ٥٠٦ ، ضمن حكمة ٢١١.
(٧) هكذا في المصدر. وفي النسخ : عن.
(٨) التوحيد / ٣٧٦ ، ضمن حديث ٢٠.
(٩) الخصال / ١٠١ ـ ١٠٢ ، ح ٥٧.