وفي أصول الكافي (١) : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب قال : سألت أبا الحسن [الرضا] (٢) ـ عليه السّلام ـ عن قوله ـ عزّ وجلّ ـ (وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ)؟
قال : إنّما عنى بذلك الأئمّة. ـ عليهم السّلام ـ بهم عقد الله ـ عزّ وجلّ ـ أيمانكم.
وتوجيه هذا التّأويل ، أن قوله ـ عزّ وجلّ ـ : (وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ) ولكلّ أمّة من الأمم جعلنا موالي أولياء أنبياء وأوصياء ، لقول النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله (٣) ـ : ألست أولى بكم من أنفسكم؟
قالوا : بلى.
فقال : من كنت مولاه فعليّ مولاه.
وقوله : (مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ) من العلوم والشّريعة ، والوالدان هم النّبيّ والوصيّ ـ صلوات الله عليهما ـ
لقوله ـ صلّى الله عليه وآله (٤) ـ : يا عليّ ، أنا وأنت أبوا هذه الأمّة.
وقوله : (وَالْأَقْرَبُونَ). ، أي : إليهما في النّسب والعلوم والعصمة.
وقوله : (وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ) وهم الأئمّة ، أي : والّذين عقدت ولايتهم أيمانكم ، وهو أيمان الدّين ، لا أيمان جمع يمين ليصحّ التّأويل.
وقوله : (فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ) المفروض لهم من الولاية والطّاعة.
وعلى كلّ تقدير ، هو مبتدأ ضمن معنى الشّرط ، خبره.
(فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ) :
أو منصوب بمضمر ، يفسّره ما بعده ، كقولك : زيدا فاضربه.
أو معطوف على «الوالدان» وقوله : «فآتوهم» جملة مسبّبة عن الجملة المتقدمة مؤكّدة لها ، والضّمير «للموالي».
وقرأ الكوفيّون : «عقّدت» بالتّشديد والتّخفيف ، بمعنى : عقدت عهودهم أيمانكم ،
__________________
(١) نفس المصدر ١ / ٢١٦ ، ح ١.
(٢) من المصدر.
(٣) ر. خلاصة عبقات الأنوار في امامة الأئمة الأطهار لمؤلفه العلامة السيد حامد حسين الكهنوى ج ٦ و ٧ و ٨ ، والغدير في الكتاب والسنة والأدب ، للعلامة عبد الحسين الاميني ، ج ١.
(٤) ر. إحقاق الحق ، للعلامة القاضي السيد نور الله التستري ٧ / ٢١٦.