وفي من لا يحضره الفقيه (١) : وروى زكريّا النّقّاص عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ).
قال : منه سكر النّوم.
وفي كتاب الخصال (٢) : فيما علّم أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ أصحابه : السّكر أربع سكرات : سكر الشّراب ، وسكر المال ، وسكر النّوم ، وسكر الملك.
وأمّا ما رواه في مجمع البيان (٣) : عن موسى بن جعفر ـ عليهما السّلام ـ : «أنّ المراد به سكر الشّراب» فمحمول على التّقيّة ، لأنّه موافق لمذهب العامّة كما نقلنا عنهم.
وقد روي فيه : عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ : أنّ المراد به سكر النّوم خاصّة.
وقرئ : «سكارى» بالفتح. و «سكرى» على أنّه جمع ، كهلكى ، أو مفرد ، بمعنى : وأنتم قوم سكرى. وسكرى كحبلى ، على أنّه صفة الجماعة (٤).
(وَلا جُنُباً) :
قيل (٥) : عطف على قوله : (وَأَنْتُمْ سُكارى) إذ الجملة في موضع النّصب على الحال.
والجنب ، الّذي أصابته الجنابة. يستوي فيه المذكّر والمؤنّث والواحد والجمع ، لأنّه يجري مجرى المصدر.
(إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ) :
قيل (٦) : متعلّق بقوله (وَلا جُنُباً) استثناء من أعمّ الأحوال ، أي : لا تقربوا الصّلاة جنبا في حال من الأحوال إلّا في حال السّفر ، وذلك إذا لم يجد الماء وتيمّم ، ويدلّ عليه تعقيبه بذكر التّيمّم. أو صفة لقوله : جنبا ، أي : جنبا غير عابري سبيل ، وفيه (دلالة) على أنّ التّيمّم لا يرفع الحدث.
وقيل (٧) : المراد «بالصّلاة» مواضع الصّلاة ، و «بعابري سبيل» المجتازون فيها.
وقيل (٨) : في الآية الكريمة قد استخدم ـ سبحانه ـ بلفظ الصّلاة لمعنيين : أحدهما ، إقامة الصّلاة بقرينة قوله : (حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ). والآخر ، موضع الصّلاة بقرينة قوله
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه ١ / ٣٠٣ ، ح ١٣٨٩.
(٢) الخصال / ٦٣٦.
(٣) مجمع البيان ٢ / ٥١. (٤) أنوار التنزيل ١ / ٢٢١.
(٥ و ٦ و ٧) نفس المصدر والموضع. (٨) تفسير الصافي ١ / ٤١٩ ـ ٤٢٠.