ـ جلّ شأنه ـ : (وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ).
وفيه : أنّ الاستخدام إمّا بذكر لفظ وإرادة معنى وبضميره معنى آخر ، أو بإرجاع الضّميرين إلى شيء والإرادة من كلّ من ضمير به غير ما أريد بالآخر لا ثالث له ، وفي الآية ليس كذلك. والأوجه أن يقال : بحذف «تقربوها» بعد كلمة «لا» معطوفا على الجملة السّابقة والحمل على الاستخدام حتّى لا تلزم مخالفة قاعدة الاستخدام ، ويطابق الأخبار الأوّلة الدّالّة على أنّ المراد بالصّلاة معناها ، والأخبار الدّالّة على أنّ المراد هنا المساجد.
ففي كتاب علل الشّرائع (١) : أبي ـ رحمه الله ـ قال : حدّثنا سعد بن عبد الله قال : حدّثنا يعقوب بن يزيد ، عن حمّاد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة ومحمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : قلنا (٢) له : الحائض والجنب يدخلان المسجد أم لا؟
قال : الحائض والجنب لا يدخلان المسجد إلّا مجتازين ، إنّ الله ـ تعالى ـ يقول : (وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا).
والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٣) : سئل الصّادق ـ عليه السّلام ـ عن الحائض والجنب يدخلان المسجد أم لا؟
فقال : الحائض والجنب لا يدخلان المسجد إلّا مجتازين ، فإنّ الله ـ تعالى ـ يقول : (وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا) ويضعان فيه الشّيء ولا يأخذان منه.
فقلت : فما بالهما يضعان فيه ولا يأخذان منه؟
فقال : لأنّهما يقدران على وضع الشّيء من غير دخول ، ولا يقدران على أخذ ما فيه حتّى يدخلا.
وقد روي في الكافي (٤) : عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن حمّاد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : سألته ، كيف صارت الحائض تأخذ ما في المسجد ولا تضع فيه؟
فقال : لأنّ الحائض تستطيع أن تضع ما في يدها في غيره ، ولا تستطيع أن تأخذ ما فيه إلّا منه.
__________________
(١) علل الشرائع / ٢٨٨ ، صدر حديث ١.
(٢) هكذا في المصدر. وفي النسخ : قلت.
(٣) تفسير القمي ١ / ١٣٩.
(٤) الكافي ٣ / ١٠٦ ـ ١٠٧ ، ح ١.