أما لو أنّ رجلا قام ليله وصام نهاره وتصدّق بجميع ماله وحجّ جميع دهره ولم يعرف ولاية وليّ الله فيواليه ويكون جميع أعماله بدلالته إليه ، ما كان له على الله حقّ في ثوابه ولا كان من أهل الإيمان.
وفي روضة الكافي (١) ، خطبة لأمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ ، وهي خطبة الوسيلة يقول فيها ـ عليه السّلام ـ : ولا مصيبة عظمت ولا رزيّة جلّت كالمصيبة برسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ. لأنّ الله حسم (٢) الإنذار والإعذار وقطع به الاحتجاج والعذر بينه وبين خلقه ، وجعله بابه الّذي بينه وبين عباده ومهيمنه (٣) الّذي لا يقبل إلّا به ولا قربة إليه إلّا بطاعته ، وقال في محكم كتابه : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً). فقرن طاعته بطاعته ومعصيته بمعصيته. فكان ذلك دليلا على ما فوّض إليه وشاهدا له على من اتّبعه وعصاه. وبيّن ذلك في غير موضع من الكتاب العظيم.
وفي كتاب الاحتجاج (٤) للطّبرسيّ ـ رحمه الله ـ : عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ حديث طويل ، وفيه : وأجرى فعل بعض الأشياء على أيدي من اصطفى من أمنائه ، فكان فعلهم فعله وأمرهم أمره ، كما قال : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ).
وفي عيون الأخبار (٥) ، بإسناده إلى عبد السّلام بن صالح الهرويّ قال : قلت لعليّ بن موسى الرّضا ـ عليه السّلام ـ : يا بن رسول الله ، ما تقول في الحديث الّذي يرويه أهل الحديث : أنّ المؤمنين يرون (٦) ربّهم (٧) من منازلهم في الجنّة؟
فقال ـ عليه السّلام ـ : يا أبا الصّلت ، إنّ الله ـ تعالى ـ فضّل نبيّه محمّدا ـ صلّى الله عليه وآله ـ على جميع خلقه من النّبيّين والملائكة ، وجعل طاعته طاعته ومبايعته مبايعته (٨) وزيارته في الدّنيا والآخرة زيارته. فقال ـ عزّ وجلّ ـ : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ). وقال (٩) : (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ). وقال
__________________
(١) نفس المصدر ٨ / ٢٦ ، ضمن حديث ٤.
(٢) المصدر : «ختم به». وقيل في هامشه : في بعض النسخ : «حسم» ، أي : قطع.
(٣) هكذا في المصدر. وفي النسخ : نهمته.
(٤) الاحتجاج ١ / ٣٧٤.
(٥) عيون أخبار الرضا ١ / ١١٥ ، صدر حديث ٣.
(٦) المصدر : يزورون.
(٧) المصدر : في.
(٨) المصدر : متابعته متابعته.
(٩) الفتح / ١٠.