استثنى بأشجع ، فقال : (إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقاتِلُوكُمْ أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ). (الآية).
وكانت أشجع محالّها البيضاء والمحلّ والمستباح. وقد كانوا قربوا من رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فهابوا [تقرّبهم] (١) من رسول الله أن يبعث إليهم من يغزوهم.
وكان رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ قد خافهم أن يصيبوا من أطرافه شيئا فهمّ بالمسير إليهم. فبينما هو على ذلك إذ جاءت أشجع ورئيسها مسعود بن رجيلة. وهم سبعمائة.
فنزلوا شعب سلع. وذلك في شهر ربيع الأوّل (٢) سنة ستّ. فدعا رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ أسيد بن حصين ، فقال له : اذهب في نفر من أصحابك حتّى تنظر ما أقدم أشجع.
فخرج أسيد ومعه ثلاثة نفر من أصحابه فوقف عليهم ، فقال : ما أقدمكم؟ فقام إليه مسعود بن رجيلة. وهو رئيس أشجع. فسلّم على أسيد وعلى أصحابه. وقالوا : جئنا لنوادع محمّدا.
فرجع أسيد إلى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فأخبره. فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : خاف القوم أن أغزوهم فأرادوا الصلح بيني وبينهم.
ثمّ بعث إليهم بعشرة أحمال تمر. فقدّمها أمامه. ثمّ قال : نعم الشيء الهديّة أمام الحاجة.
ثمّ أتاهم فقال : يا معشر أشجع ما أقدمكم؟
قالوا : قربت دارنا منك. وليس في قومنا أقل عددا منّا. فضقنا بحربك (٣) لقرب دارنا منك ، وضقنا لحرب قومنا (٤) لقلّتنا فيهم. فجئنا لنوادعك.
فقبل النّبيّ ذلك منهم ووادعهم ، فأقاموا يومهم. ثمّ رجعوا إلى بلادهم. وفيهم نزلت هذه الآية : (إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ) (الآية).
[فما يتراءى من هذا النّقل من منافاته لما سبق ، لأنّه في هذا النّقل جعل إلّا الّذين يصلون] (٥) عبارة عن الأشجع حين صاروا إلى بني ضمرة المعاهدين ، والذين
__________________
(١) من المصدر.
(٢) هكذا في المصدر. وفي النسخ : ربيع الآخر.
(٣) هكذا في المصدر. وفي النسخ : لحربك.
(٤) المصدر : «ضقنا بحرب قومك» بدل «ضقنا لحرب قومنا».
(٥) ليس في الأصل ور.