الموت من الملائكة مع ما يقبض هو ، ويتوفّاها الله من ملك الموت.
وفي كتاب التوحيد (١) : سئل أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ عن ذلك فقال : إنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ يدبّر الأمر كيف يشاء ويوكّل من خلقه من يشاء بما يشاء. أمّا ملك الموت فإنّ الله يوكّله بخاصّة من يشاء. ويوكّل رسله من الملائكة خاصّة بمن يشاء من خلقه. والملائكة الّذين سمّاهم الله ـ عزّ ذكره ـ وكلّهم بخاصة من يشاء من خلقه.
والله (٢) ـ تبارك وتعالى ـ يدبّر الأمور كيف يشاء. وليس كلّ العلم يستطيع صاحب العلم أن يفسّره لكلّ النّاس. لأنّ منهم القويّ والضّعيف. ولأنّ منه ما يطاق حمله ، ومنه ما لا يطيق حمله إلّا من يسهّل الله له حمله وأعانه عليه من خاصّة أوليائه. وإنّما يكفيك أن تعلم أنّ الله المحيي والمميت ، وأنّه يتوفّى الأنفس على يدي من يشاء من خلقه من ملائكة وغيرهم.
(قالُوا) ، أي : الملائكة. توبيخا لهم.
(فِيمَ كُنْتُمْ) في أيّ شيء كنتم من أمر دينكم.
(قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ) : اعتذار عمّا وبّخوا به ، بضعفهم عن إظهار الدّين وإعلاء كلمته لقلّة العدد وكثرة العدوّ.
(قالُوا) ، أي : الملائكة. تكذيبا لهم.
(أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها) : إلى قطر آخر ، كما فعل المهاجرون إلى المدينة والحبشة.
(فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ) : لتركهم الواجب ، ومساعدتهم الكفّار ، وكفرهم. وهو خبر «إنّ» و «الفاء» فيه لتضمّن الاسم معنى الشّرط. و «قال فيم كنتم» حال من الملائكة ، بإضمار قد. أو الخبر «قالوا» والعائد محذوف ، أي : قالوا لهم.
وهو جملة معطوفة على الجملة التي قبلها ، مستنتجة منها.
(وَساءَتْ مَصِيراً) (٩٧) ، أي : مصيرهم. أو جهنّم.
وقيل (٣) : الآية نزلت في ناس من مكّة ، أسلموا ولم يهاجروا حين كانت الهجرة واجبة. والظّاهر ، أنّها في الكفرة.
__________________
(١) التوحيد / ٢٦٨ ، قطعه من حديث ٥ الذي أوّله في ص ٢٥٤.
(٢) المصدر : إنّه.
(٣) أنوار التنزيل ١ / ٢٣٩.