المحبّة ، ميل النّفس إلى الشيء ، لكمال أدرك فيه ، بحيث يحملها على ما يقرّبه إليه. ومحبّة العباد لله مجاز عن إرادة نفوسهم اختصاصه بالعبادة دون غيره ، ورغبتهم (١) فيها ، وهي مستلزمة لاتّباع الرّسول في جميع ما جاء به ومن جملته ، بل العمدة فيه اتّباع الأئمّة ـ عليهم السّلام ـ.
(يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) : جواب للأمر ، أي : يرضى عنكم ويتجاوز عن ذنوبكم. عبّر عن ذلك بالمحبّة على طريق الاستعارة ، أو المقابلة.
وفي روضة الكافي (٢) : بإسناده إلى أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في حديث طويل يقول فيه ـ عليه السّلام ـ : ومن سرّه أن يعلم أنّ الله يحبّه فليعمل بطاعة الله وليتّبعنا ، ألم يسمع قول الله ـ عزّ وجلّ ـ لنبيّه ـ صلّى الله عليه وآله : (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ). والله لا يطيع الله عبد أبدا إلّا أدخل الله عليه في طاعته اتّباعنا ، ولا والله لا يتّبعنا عبد أبدا إلّا أحبّه الله [و] (٣) لا والله لا يدع (٤) أحد اتّباعنا أبدا إلا أبغضنا ولا والله لا يبغضنا أحد أبدا إلّا عصى الله ، ومن مات عاصيا لله أخزاه [الله] (٥) وأكبّه على وجهه في النّار ، والحمد لله ربّ العالمين.
وفيها خطبة لأمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ وهي خطبة الوسيلة (٦) ، يقول فيها ـ عليه السّلام ـ بعد أن ذكر النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله : ـ : فقال تبارك وتعالى ـ في التّحريض على اتّباعه والتّرغيب في تصديقه والقبول لدعوته : (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) ، فاتّباعه ـ صلّى الله عليه وآله ـ محبّة الله ، ورضاه غفران الذّنوب وكمال الفوز ووجوب الجنّة.
عليّ بن إبراهيم (٧) ، عن أبيه ، عن القاسم بن محمدّ [وعليّ بن محمّد ، عن القاسم بن محمّد] (٨) عن سليمان بن داود المنقريّ ، عن حفص بن غياث ، عن أبي عبد الله
__________________
(١) ر : رغبته.
(٢) الكافي ٨ / ١٤ ، ذيل حديث ١. وهي رسالة أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ إلى أصحابه.
(٣) من المصدر.
(٤) النسخ : ولا يدع. وما أثبتناه في المتن موافق المصدر.
(٥) من المصدر.
(٦) نفس المصدر ٨ / ٢٦ ، ضمن حديث ٤.
(٧) نفس المصدر ٨ / ١٢٨ ـ ١٢٩ ، ح ٩٨. والحديث طويل. وله تتمة.
(٨) من المصدر.