وفي مختصر تاريخ الذهبي. كان تدبير أمر حلب إلى والدة الملك الصالح وإلى شاذبخت وخالد بن القيسراني. ثم إن الصالح مرض بالقولنج جمعتين ومات في رجب وتأسفوا عليه وأقاموا عليه المآتم وبالغوا في النوح وكان أمرا منكرا. وكان دينا عفيفا عادلا متحببا إلى العامة متبعا للسنة ولم يبلغ عشرين سنة. ذكر العفيف بن سكرة اليهودي وكان يطبه قال : قلت له : يا مولانا والله شفاؤك في قدح خمر وأنا أحمله إليك سرا فلا تعلم والدتك ولا اللالا ولا أحد ، فقال : كنت أظنك عاقلا ، نبينا محمد صلىاللهعليهوسلم يقول : إن الله لم يجعل شفاء أمتي فيما حرم عليها ، وتقول لا أنت. هذا وما يؤمنني أن أشربه وأموت وهو في جوفي اه.
زاد في الزبد والضرب بعد العبارة المتقدمة : والله لو قال ملك من الملائكة إن شفاءك في الخمر لما استعملته.
قال ابن العديم في ترجمته : كانت وفاته في الخامس والعشرين من رجب وكان لموته وقع عظيم في قلوب الناس ، وكان رحمهالله قد ربي أحسن تربية ، وكان دينا عفيفا ورعا كريما محبوبا إلى قلوب الرعية لعدله وحسن طريقته ولين جانبه لهم. قال لي والدي رحمهالله : إن اليوم الذي مات فيه انقلبت المدينة بالبكاء والضجيج ولم ير إلا باك عليه مصاب به. قال لي : ودفن بقلعة حلب ولم يزل قبره بها إلى أن ملك الملك الناصر حلب وتسلم قلعتها فحول قبره إلى الخانقاه التي أنشأتها والدته تحت القلعة. قال : ولما حول ظهر من الناس من البكاء والتأسف كيوم مات. قال : ووجد من قبره عند نبشه شبيه برائحة المسك رحمهالله. وحكى لي ذلك أيضا غير والدي. وكان رحمهالله على صغر سنه كثير الاتباع للسنة والنظر في العواقب ، توفي وله من العمر ثمان عشرة سنة وقيل تسع عشرة سنة.
قال في الزبد والضرب نقلا عن ابن شداد : إنها أنشأت الخانقاه المذكورة في سنة ثمان وسبعين وخمسمائة وإنها بنت إلى جانبها تربة دفنت فيها ولدها الملك الصالح.
قال في الدر المنتخب المنسوب لابن الشحنة بعد أن ذكر نظير ما تقدم : وجعلت أم الملك الصالح بها قراء عميانا ووقفت عليها البستان المعروف بالبقعة غربي حلب.