مقطع وهو الأمير فخر الدين مسعود الزعفراني ، فحيث رأى شدة القتال أذعن إلى التسليم وطلب الأمان وسلم البلد وصار في خدمة صلاح الدين ، فلما ملك المدينة زحف إلى القلعة فسلمها إليه الدزدار الذي بها على مال أخذه ، فلما ملكها سلمها إلى مظفر الدين مع حران ، ثم سار عنها على حران إلى الرقة ، فلما وصل إليها كان بها مقطعا قطب الدين ينال بن حسان المنبجي فسار عنها إلى عز الدين أتابك وملكها صلاح الدين ، وسار إلى الخابور قرقيسيا وماكسين وعرابان فملك جميع ذلك ، فلما استولى على الخابور جميعه سار إلى نصيبين فملك المدينة لوقتها ، وبقيت القلعة فحصرها عدة أيام فملكها أيضا وأقام بها ليصلح شأنها ، ثم أقطعها أميرا كان معه يقال له أبو الهيجاء السمين ، وسار عنها ومعه نور الدين صاحب الحصن وأتاه الخبر أن الفرنج قصدوا دمشق ونهبوا القرى ووصلوا إلى داريا وأرادوا تخريب جامعها ، فأرسل النائب بدمشق إليهم جماعة من النصارى يقول لهم إن خربتم الجامع جددنا عمارته وأخربنا كل بيعة لكم في بلادنا ولا نمكن أحدا من عمارتها ، فتركوه ، ولما وصل الخبر إلى صلاح الدين بذلك أشار عليه من يتعصب لعز الدين بالعود فقال : يخربون قرى ونملك عوضها بلادا ونعود نعمرها ونقوى على قصد بلادهم ، ولم يرجع فكان كما قال اه.
ثم حصر صلاح الدين الموصل ، ثم سار منها إلى سنجار فملكها ، ثم ملك آمد وسلمها إلى نور الدين محمد بن قرا أرسلان على ما استقرت القاعدة بينهما. وبسط ابن الأثير القول في ذلك : وكان ملكه لآمد في العشر الأولى من المحرم سنة ٥٧٨.
قال في الروضتين : وفي فتح آمد يقول سعيد بن محمد الحريري الحلبي من قصيدة في السلطان :
رمى آمدا بالصافنات فأذعنت |
|
له طاعة آكامها ووعورها |
فما عز ناديها ولا اعتاص ثغرها |
|
ولا جاش طاميها ولا رد سورها |
وأنزلت بالكره ابن تيسان مخرجا |
|
كما أنزل الزباء كرها قصيرها |
نهضت لها حتى إذا انقاد صعبها |
|
تقضى على طول الشماس نفورها |
سمحت بها جودا لمن ظل برهة |
|
يغاورها طورا وطورا يغيرها |
وملّكت ما ملّكت منها تحولا |
|
وكان قليلا في نداك كثيرها |