وقال ابن أبي طي : في أول السنة أراد مظفر الدين بن زين الدين وكان إليه شحنكية حلب الاستيلاء على قلعة حلب بأن يهجمها فلم يتمكن وظهر أمره. وبعد هذه الوقعة اجتمع الأخوان عز الدين وعماد الدين على الرقة وتحالفا على بساط واحد وسلم عماد الدين ما كان بيده من سنجار وغيرها إلى عز الدين وسلم عز الدين إليه حلب ، فسار إليها ودخلها ، فخرج مظفر الدين عنها وصار إلى الفرات ، فلما اتصل به قصد السلطان حلب سار إلى خدمته واجتمع به على جباب التركمان وأشار على السلطان بعبور الفرات والاستيلاء على بلاد الشرق وتأخير أمر حلب ، ففعل ورحل عن حلب بعد أن أقام عليها ستة أيام وأقام على تل خالد ثلاثة أيام ، ثم رحل إلى البيرة وفيها شهاب الدين محمد بن إلياس الأرتقي فنزل إليه وقبل الأرض بين يديه وسأله الصعود إلى قلعة البيرة ، فأجابه وقدم له مفاتيح القلعة فردها إليه ووعده باستخلاص ما كان صاحب ماردين رده عليه ، ورحل السلطان إلى سروج فنزل إليه صاحبها ابن مالك مستأمنا ، فأعاده إلى بلده ، وراسل صاحب ماردين في رد ما كان تغلب عليه من أعمال البيرة ففعل ، ثم أخذ الرها ثم الرقة ، ثم سلم الرها إلى ابن زين الدين والرقة إلى صاحب الرها لأنه سأل أن يكون في خدمة السلطان.
وقال القاضي ابن شداد في السيرة الصلاحية : نزل السلطان على حلب في ثامن عشر جمادى الأولى سنة ثمان وسبعين فأقام ثلاثة أيام ورحل في الحادي والعشرين منه يطلب الفرات ، واستقر الحال بينه وبين مظفر الدين بن زين الدين وكان صاحب حران وكان قد استوحش من جانب الموصل وخاف من مجاهد الدين فالتجأ إلى السلطان وعبر إليه قاطع الفرات وقوى عزمه على البلاد وسهل أمرها عنده ، فعبر الفرات وأخذ الرها ونصيبين وسروج ، ثم شحن على الخابور وأقطعه اه.
قال ابن الأثير : لما عبر صلاح الدين الفرات كاتب الملوك أصحاب الأطراف ووعدهم وبذل لهم البذول على نصرته ، فأجابه نور الدين محمد بن قرا أرسلان صاحب الحصن إلى ما طلب منه لقاعدة استقرت بينهما لما كان نور الدين عنده بالشام ، فإنه استقر الحال أن صلاح الدين يحصر آمد ويملكها ويسلمها إليه ، وسار صلاح الدين إلى مدينة الرها فحصرها في جمادى الأولى وقاتلها أشد قتال ، فحدثني بعض من كان من الجند أنه عد في غلاف رمح أربعة عشر خرقا وقد خرقته السهام ، ووالى الزحف عليها وكان بها حينئذ