قال ابن الأثير في حوادث سنة سبع عشرة وستمائة : في هذه السنة ظهر التتر إلى بلاد الإسلام وهم نوع من كثير من الترك ومساكنهم جبال طمغاج من نحو الصين وبينها وبين بلاد الإسلام ما يزيد على ستة أشهر.
وقال السيوطي في تاريخ الخلفاء : أرض التتر بأطراف بلاد الصين ، وهم سكان براري ومشهورون بالشر والغدر.
(أقول) : بلادهم هي المشهورة الآن بكتب جغرافيا الجديدة ببلاد المغول. قال في النخبة الأزهرية في تعداد ولايات المملكة الصينية : ومن جملة ولاياتها بلاد المغول (وهي في الجبهة الشمالية الصينية) ومن مدنها الشهيرة كامي وباركول في سفح جبال تيان شان ثم أورجا ، وأهمية هذه المدن قليلة وهي في قتال مستمر مع سكان الصحراء ، حتى إن كثيرا من شبيهاتها من المدن انقرض من جراء ذلك ، ولا تزال خرائبها قائمة إلى اليوم ومن ضمنها مدينة كراكوروم التي كانت عاصمة لجنكيز خان ملك المغول.
قال الجلال السيوطي في تاريخ الخلفاء : وسبب ظهور التتر أن إقليم الصين متسع دوره ستة أشهر وهو ست ممالك ولهم ملك حاكم على الممالك الست وهو دوش خان قد تزوج بعمة جنكز خان فحضر زائرا لعمته وقد مات زوجها ، وكان قد حضر مع جنكز خان كشلو خان فأعلمتهما أن الملك لم يخلف ولدا وأشارت على ابن أخيها أن يقوم مقامه فقام وانضم إليه خلق من المغول. ثم سير التقادم إلى القان الأكبر فاستشاط غيظا وأمر بقطع أذناب الخيل التي أهديت وطردها وقتل الرسول لكون التتار لم يتقدم لهم سابقة بتملك إنما هم بادية الصين ، فلما سمع جنكز خان وصاحبه كشلوخان تحالفا على التعاضد وأظهرا الخلاف للقان وأتتهما أمم كثيرة من التتار وعلم القان قوتهم وشرهم فأرسل يؤانسهم ويظهر مع ذلك أنه ينذرهم ويهددهم ، فلم يغن ذلك شيئا ، ثم قصدهم وقصدوه فوقع بينهم ملحمة عظيمة فكسروا القان الأعظم وملكوا بلاده واستفحل شرهم واستمر الملك بين جنكز خان وكشلو خان فقام مقامه ولده فاستضعفه جنكز خان فوثب عليه وظفر به ، واستقل جنكز خان ودانت له التتار وانقادت له واعتقدوا فيه الألوهية وبالغوا في طاعته ، ثم كان أول خروجهم في سنة ست وستمائة من بلادهم إلى نواحي الترك وفرغانة ، فأرسل خوارزم شاه محمد بن تكش صاحب خراسان فأمر أهل فرغانة والمشاش وكاسان وتلك البلاد النزهة العامرة بالجلاء والجفل إلى سمرقند وغيرها ، ثم خربها جميعا خوفا من التتار